الضحك خير علاج لما آل إليه الحال

• بهيرة محمود الحلبي

يقول نبينا الكريم محمد (صلى الله عليه ) : ” روحوا القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلوب إذا كلّت عميت ” . وقال الإمام علي كرم الله وجه : ” أجموا هذه القلوب والتمسوا لها طرف الحكمة فإنها تملُّ كما تمل الأبدان ” .

فما أضيق العيش لولا فسحة الأمل ، وما أجمل أن يبتعد الإنسان عن ضغوطات العمل وثقل المسؤوليات ، وأن يقضي على الكآبة والتوتر الذي ينتابه باللجوء إلى ما يضحك ويسلي ويهدئ النفوس .وقد برهنت الدراسات أن الضحك يزيد من كمية الأوكسيجين الذي يدخل الرئة وينشط الدورة الدموية ويعالج الإجهاد ويخفف الآلام ويرخي العضلات ، ويمكن الوثوق به بديلاً ناجحاً للعديد من العقاقير والمسكنات .

كان العرب بارعون في سرد القصص الطريفة، من خلال نوادر جحا ونوادر البخلاء للجاحظ، وكتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني الذي جاء فيه وعلى لسان القاضي عياض العبارة الجميلة التالية : ” التحدث بمُلَح الأخبار، وطُرف الحكايات تسلية للنفس، وجلاء للقلب ” . كما بزغ نجم المصريين وعلى مر التاريخ في فن التنكيت الذي ضج بالسخرية وفاض بالفكاهة ، ولعل مخطوطة إبن مماتى الشهيرة التى حملت عنوان ” الفاشوش فى حكم قراقوش”، هي أفضل عمل أدبي يحمل صفات الكوميديا السوداء ، فهي تنقد الظلم والجور بأسلوب ساخر يثير الضحك ويرسم الابتسامة ، حيث كان قاراقوش وزيرا مستبدا في عهد صلاح الدين الأيوبي وقد جاء على لسانه أن متسولاً قدم إليه يطلب طعاماً فرد عليه قائلاً : ” مزقت قلبي بشكواك ، ولا أجد لك سوى السجن مقاما لك حتى إذا شبعت أفرج عنك ” .

في أيامنا المعاصرة ، حيث اضطربت الحياة وازدادت الهموم وتعكر المزاج . واكتأب المنظر وساء المنقلب ،وفي ظل هذا البؤس الذي يعترينا والألم الذي ينتابنا من مشهد دم انسان يهدر وآثار حضارة تدمر وتاريخ عريق يمحى ، والذي حتما سيؤثر في قدرتنا على الاستمرار ويكبل أيدينا في العطاء ، وحيث تقع علينا مسؤوليات كبيرة يجب منحها للأسرة والمجتمع ، وبما أننا محكومون باستحقاقات وطنية ممنوع الاخلال بها ، فقد يكون من الأجدى أن نتجنب صخب الأخبار وسموم السياسة ، ونبتعد عن إحباط المتشائمين ونواح المضللين ، وأن نجالس المتفائلين خفيفي الظل ، سريعي البديهة ، دقيقي الملاحظة عفوي الحديث ، الذين يزرعون الحب ويبهجون النفس بما يعكسونه من جوانب مشرقة للحياة ، وبما يثيرونه من دعابة ومزاح تشفي الأرواح ، لا تخلو من الدروس والعبر والنقد البناء ، دون ايذاء ولا تجريح ، ولنعمل بالمثل القائل : اضحك تضحك لك الدنيا..

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *