هناك حكمة في الاقتصاد تقول : إنني لست غنياً لأشتري الرخيص ” . كم تعبر هذه المقولة عن أهمية اقتناء السلع ذات الجودة الأعلى حتى ولو كانت غالية الثمن ، لأنها توفر للمستهلك المال والجهد والوقت ، ولا تضطره إلى استبدالها بعد كل تشغيل . للأسف بتنا الآن نعاصر زمناً نكتوي فيه بآفة الغش وكآبة المنظر ، فقد غرقت الأسواق بالمنتجات الرديئة والمتدنية بالأسعار التي تخرج عن الخدمة عند أول استعمال ، كما انتشر التدليس في ابرام العقود والتلفيق في صياغة الاتفاقيات ، فضعف الطرح وتسطحت الأفكار، وصار الترويج لكل فاسد ومنتهي صلاحيات هو الحاضر السائد ، دون وازع من دين ولا رادع من عرف أو قانون ؟ !!!.

وكما يقال، إن المشكلة ليست في المنتج الصيني إنما في نوعية البضائع التي يطلبها المورد ، هل ستلبي حاجة العميل وتنال رضاه أم لا ؟ هناك بعض التجار الشجعين يستوردون المنتجات رخيصة الثمن ، قليلة الجودة ليكسبوا من خلالها أرباحاً أوفر ، ومنها على سبيل المثال قطع الغيار المقلدة والمعلبات الفاسدة والمنتجات الأخرى مجهولة المصدر ، فأكثر الحرائق حدوثاً اليوم تسببه أسلاك ومآخذ كهربائية رديئة ، وأكثر الأرواح التي تزهق تحت أنقاض المنشآت الخرسانية المنهارة ، يسببه عيب في التصميم الهندسي أو نقص في كمية مواد البناء اللازمة .

كم اهدرنا أموالاً في شراء منتج لا يصلح للاستخدام ولو لمرة واحدة !! وكم ترددنا على مطاعم لا تراعي معايير الجودة وشروط الصحة العامة، ؟ كيف لنا أن نغمض أعيننا عن التلوث البصري الذي يشوه مدننا حين تكون الأرصفة مكسرة والطرقات محفرة ، وأعمدة الإنارة مثبتة على عجل وآلية للسقوط مع أول هبوب ريح عاتية ؟!!.

وبما أن بلادنا تقدم على مرحلة تاريخية هامة ، ويتوجب علينا أن نرتقي إلى درجة استحقاقاتها ، وحيث أن الانسان لن يعيش مئات السنين، ولكن يمكن أن يبدع شيئا يستمر لمئات السنين، فلنجعل من وطننا الحبيب واحة للجمال ، منبعاً للخير ومثالاً للتميز ، نستأجر لها القوي الأمين ، نعاقب المخالفين للمواصفات والمقاييس ، نحاسب المقاولين ومنفذي المشاريع المتعثرة ، نسخر لها تكنولوجيا المعلومات لخدمة التنمية والتطوير ، وليس لإعلاء أصوات الجهل والتضليل ، نحترف خدمة المجتمع ، ننشر الوعي في ثقافة الاستهلاك وعمليات البيع والشراء ، ونطرح الأجود في الأسواق بأسعار اقتصادية تلبي الحاجة ولا تثقل الكاهل .. ويا بلادي واصلي.

التصنيف:

One Response

  1. سلمت يداك
    كلام من الواقع
    للأسف أصبحنا بزمن جمع الأموال على حساب المواطن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *