أم اديسون أنموذجا في رعاية الموهبة

• بهيرة محمود الحلبي

إن السر في عبقرية توماس اديسون ، الأمريكي ،مخترع المصباح الكهربائي ومطور جهاز الفونوغراف وآلة التصوير السينمائي ، والذي غير وجه التاريخ بإنارته طريق البشرية هو والدته ، تلك الأم العظيمة التي بذلت كل ما في وسعها من أجل تنمية قدراته واستثمار ما في جعبته من طاقات ومواهب ، وقد نجحت بإحداث التغيير في حياة ابنها منذ أن كان تلميذاً صغيراً متهماً بالغباء واللامبالاة ومهدداً بالطرد والاستبعاد عن مقاعد الدراسة والتعليم ،

حيث أبدت حنكة وذكاء كبيرين حين لجأت إلى تحوير فحوى الرسالة التي وصلتها من مدرسته والتي تقول : ” ابنك غبي جداً ، فمن صباح الغد لن ندخله إلى المدرسة ” ، إلى رسالة بديلة تتضمن كلاماً يرفع من معنوياته ويحفزه على الجد والمثابرة ،جاء فيها :” ابنك عبقري والمدرسة صغيرة عليه وعلى قدراته ، عليك أن تعلميه بالبيت ” .

القدرات العقلية عند الأطفال لا تظهر بشكل متميز في سن مبكرة فهو لا يقوى على إدراك الخير والشر والحق والباطل ولا يميز بين الأمور المعنوية المجردة والمادية الملموسة ومع التدريب والتعليم تزداد ثروته اللغوية وقدرته على الفهم والاستيعاب .. والطفل في سن مبكرة من حياته يميل إلى حب الاستطلاع فيكثر من التساؤل

ويلح على معرفة كل ما يدور حوله ويؤثر فيه ، وهنا يأتي دور الأهل في اشباع ما يجول في خاطره وما يوسع من ثقافته بإجابات صريحة وواضحة وبسيطة غير معقدة وغير مؤجلة ، مقرونة بحلو اللسان ولطافة المعشر حتى لا يصاب بالنكوص والخذلان .كم هم كثر هؤلاء الأطفال الذين ضاعت مواهبهم ودفنت آمالهم واغتيلت طاقاتهم بسبب الفقر والجهل وعدم وجود الراعي الذي يدعم ابداعاتهم ، والوسيلة الإعلامية التي تسلط الضوء على منتجاتهم ..فكم من طفل حاول التعبير عن احتياجاته لتطوير أدواته فواجه الرفض وتعنت الأهل ،

وكم من طفل رغب بممارسة الرياضة لتقوية صحته البدنية ولم يلق من يصغي إليه ، وكم من طفل امتلك أذناً موسيقية وصوتاً رخيماً ويعشق الجمال ولم يتلق التشجيع من المجتمع والقبول من الأهل ، وكم من طفل متفوق رغب بمواصلة دراسته وتحطمت أحلامه عند صخرة العوز والحاجة ،

كم وكم من مواهب ضائعة وطاقات معطلة في شتى المجالات والتخصصات، لم يلتفت إليها أحد ، ولم تجد من يشغلها لخدمة المجتمع والمشروع النهضوي فيه ؟!! ففي داخل كل طفل موهبة ما وفي عقل كل طفل ذكاء ما ، وليس بالضرورة أن يقتصر الابداع لديهم على فهم المنهج الدراسي ، فقد يكون في مجالات أخرى ، كما ولا يوجد هناك طفل غبي بمعنى الكلمة وإنما هناك بيئة حاضنة وأخرى طاردة ،

وحتى ينجح أطفالنا ويصبح لهم شأن في عالم الاختراعات والابتكارات ، علينا الانصات إليهم وتلمس احتياجاتهم وصقل مهاراتهم وتقدير ما يبتدعونه ، كما ينبغي توفير الجو الأسري الملائم والمؤسسة التعليمية المناسبة ، وأن تتوسع دائرة الاهتمام ورعاية الموهوبين لتشمل المجتمع بأكمله . يقول الشاعر نزار قباني : كل ليمونة ستنجب طفلاً … ومحالٌ ان ينتهي الليمون.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *