متى ينتهي التنمر في المشهد التعليمي؟

• بهيرة محمود الحلبي

” إذا قابلنا الإساءة بالإساءة ، فمتى ستنتهي الإساءة “…. ” ربما يعذبون جسدي ويحطمون عظامي ولكن سيكون لديهم جسدي الميت لا طاعتي وخنوعي ” : من أقوال زعيم الأمة الهندية المهاتما غاندي ، أما موروثنا التاريخي في العادات والتقاليد فيقول إننا تربينا على استخدام العصا وأهملنا الجزرة ، متناسين أن الجزرة هي الأصل وهي الثمرة النافعة التي تمكث في حنايا الجسد وتقوي البصر وربما البصيرة ، لكن العصا ومهما بلغت من شدة التأثير والصلابة لا تتعدى أن تكون قطعة صماء وفي أحسن الأحوال متكأً للإنسان في تقدم العمر وغابر الأيام …التنمر ( bullying ) هوسلوك عدواني يصدر عن انسان استكبر على الآخرين بفضل ما يملكه من قوة لا تتماثل مع ضحاياه المعنفين،ويرافقه إيذاء جسدي وإساءة لفظية ، نرى مظاهرها في البيت والعمل وفي الأماكن العامة ، يمارسها الكبار والصغار ، الجهلة من القوم وأنصاف المتعلمين ، الطالب في المدرسة والمعلم في الصف ،الأب والأم والأخ الأكبر ضد صغار السن وهم الحلقة الأضعف.

وإذا أردنا التطرق إلى ما يحصل في بعض المدارس من عنف بين الطلاب فلا بد من الاستعانة بـتعريف دان ألويس النرويجي (Dan Olweus) – وهو الأب المؤسس لأبحاث التنمر ، والقائل :” إن التنم رالمدرسي هو أفعال سلبية متعمدة من جانب تلميذ أو أكثر لإلحاق الأذى بتلميذ آخر وبصورة متكررة كإطلاقه : التهديد، التوبيخ، الإغاظة ، كيل الشتائم، الضرب، الركل ، أو التكشير بالوجه أو اصدار الإشارات غير اللائقة، أو الإثارة والمزاح الثقيل ، وهذا كله بقصد عزل ذاك الطالب عن المجموعة أو رفض الاستجابة لرغبته ” .

وحديثاً صار تنمر الطلبة يفعّل عبر وسائل التواصل الاجتماعي الالكترونية الذي امتلأت صفحاته بأقسى عبارات التشهير والتمييز العنصري…ولكن ماهي الأسباب التي دفعت بهؤلاء الطلبة إلى التنمر والحاق الأذى بزملاء يدرسون سوّية أو بمعلمين لهم فضل تعليمهم؟ لعل التربية في البيت هي المسؤول الأول عن ذاك العنف ، فالطفل الذي نشأ في أسرة وادعة تغرز فيه قيم المحبة والتسامح واحترام الاختلاف بين الناس ، نادراً ما تشاهده يعنف الآخرين حين يكبر ، أو ينضم إلى عصابات الشوارع وقاطعي الطرقات ،على خلاف الطفل الذي لم يتلق التوجيه الكافي ، ويترك فريسة لرفاق السوء واللهو بمشاهدة الأفلام والفيديوهات الرديئة والمليئة بمشاهد العنف والقتل والتمرد على العادات والتقاليد الصحيحة ، والمسيئة إلى هيبة المربي والقدوة ، دون وازع من دين ولامراعاة للآداب والحقوق ..علينا أن نجنب أبناءنا مخاطر الاستئساد وحمل السلاح وارتكاب الجرائم، علينا أن نحمي أبناءنا ضحايا التنمر المستضعفين الذي خجلوا من البوح بما يتعرضون له من قسر وتعنيف ويفكرون بالانتحار ، علينا أن نعيد المتنمرين إلى جادة الصواب والفطرة السليمة ، بحيث نجعلهم يدركون أن الانتظام في المدرسة والتفوق في العلم هو ما يميزهم ويرفع من شأنهم ، وأن الاستقواء على الضعيف والاستهزاء منه ليس من المروءة والأخلاق..وكلنا أمل في القائمين على القطاع التعليمي أن يضيفوا موادا في المناهج تغذي الروح وتهدئ النفس كالموسيقا وغيرها من الفنون التشكيلية والتطبيقية ، وأن يكثفوا من الحملات التوعوية والبرامج التدريبية التي تستثمر في مواهب الطلبة وتنمي مخرجاتهم الابداعية ، فهم أمل الأمة وقادة المستقبل.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *