هناك في ثقافات شعوب العالم اعتقاد سائد يوصم بعض العيون بالحسد وبإزالة النعم وبعضها بجلب المصائب والحظ السيء ، والشاعر ابن أبي حجلة يقول :

كل الحوادث مبدأها من النظر ..ومعظم النار من مستصغر الشرر
وكثيراً ما نسمع مقولة إن العين حق !! ولكن كيف لتلك العيون أن يكون لها هذا التأثير على النفوس وغيبيات الأمور ، وهي بوابة الوجه وأكثر مناطق الجسم جمالاً وهي العضو الذي يمدنا بالبصر ويعزز تواصلنا مع العالم الخارجي ومن خلالها يستمتع الإنسان مشاهدة الطبيعة ورؤية الأبناء ويقوى على الحركة والعمل وتمييز الأشياء من حوله .

وبالمقابل ، فقد تغنى الشعراء في الأدب العربي في عيون المحبوبة واعتبروها من بدائع جمال المرأة وكمال زينتها فهي التي أوقعت كثيراً من العشاق في شركها، وعذبت قلوب الأحبة بصفائها ،يقول الشاعر جرير :
إن العيون التي في طرفها حور .. قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به.. وهن أضعف خلق الله أركانا

كما أشار بعض الأدباء إلى العيون حين عاشوا الغربة واستشعروا الحنين إلى الوطن والشاعر خير الدين الزركلي في قصيدته ” نجوى ” يستحضر العيون ليعبر عما ينتابه من شوق وما يكابده من لوعة الفراق :
العينُ بعدَ فِراقها الوَطَنا ..لا ساكِنًا ألِفَت ولا سَكَنا
رَيَّانةٌ بالدَّمع أقلقَها …….ألا تُحسَّ كرًى ولا وَسَنا

نعم هي العين نافذتنا المشرعة إلى العالم بكل أشكالها الناعسة والضاحكة والحزينة وكل أطياف ألوانها المختلفة .. وستظل كما وصفها المفكر العربي رجاء النقاش: ” تجمع كل طاقة القلب في نظرة واحدة وتحمل مآسي الأيام في نظرة، ويمكن لها ان تتكلم في لمحة واحدة ما يرويه اللسان في ايام وساعات ” .

كم هو جدير أن نتجنب ما يدعو لنظرة الحسد والغيرة ويعمق الهوة بين طبقات المجتمع ، وإن كنا ننشد دوام النعم وحماية أطفالنا، فحري بنا أن نمد يد العون والمساعدة للآخرين ، ونراعي مشاعر المحتاجين للمال والمحرومين من الانجاب ، ونتوقف عن التباهي واستعراض ما أنعمه الله علينا من رزق وخيرات ، يقول المولى عز وجل: ” وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ . إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا “

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *