لنتنافس في تطبيق القوانين

• بهيرة محمود الحلبي

“سامحني من فضلك ،، هذه أول مرة أتعاطى فيها المروانا ” ردّ عليه الشرطي :” هنا فيه قانون ، والترجي لا يفيد وكلمة سامحني تقولها في بلدك ، وسأحرر بحقك مخالفة انتهاك نظام الولاية وستمثل بعد اسبوع أمام المحكمة لتنال جزاء ما اقترفت”….

 

هذا هو الحوار الذي دار بين عربي ضعفت إرادته في أمريكا فأحب أن يدخن شيئاً من الممنوع في عارضة الطريق وبين حارس للأمن والنظام أراد أن يطبق القانون بناء على المعطيات والحقائق لا بالميول الشخصية والعواطف ،هذا هو الفارق بيننا كعرب ودول عالم ثالث وبينهم كمجتمعات وأمم نهضت حين طبقت الأنظمة واللوائح على الجميع وأخذت في مقولة الرئيس روزفلت : «لا أحد فوق القانون، ولا أحد أقل منه، ولا نحتاج أن نطلب إذن أحدٍ عند تطبيقه».

وينظر إلى القانون أنه مجموعة قواعد عامة ملزمة تنظم العلاقات بين الأشخاص في المجتمع الواحد. فكيف هو المشهد في دولنا العربية ؟ وكيف هي الصورة التي نتمنى أن تحقق لنا مكانة عالية بين الأمم ؟ . وحيث لا يزال في ثقافتنا الشعبية بعض المفاهيم الخاطئة التي تكرس دور المحسوبيات على حساب الكفاءات وتتقبل الرشوة بدلاً عن النزاهة ، و تتساهل في معاقبة من يخترق النظام المروري ويقود سيارته بشكل أرعن ويعرض أرواح الآخرين للكسر أو لخطر الموت ، وتمتدح من يعتلي منصباً تزلفاً وملقاً ، ولا تشتكي من مشروع تعثر ، أو تبلغ عن حفرة تركت بلا ردم في الشوارع والطرقات ’’..فإن تجاوزات كثيرة ستستمر وتتمدد ، لأن المقصر لم ينال عقابه ، والقانون لم يأخذ مجراه ..

إن عدم تبليغ السلطات المعنية عن المخالفات والانتهاكات التي ترتكب بحق قضايا المجتمع المصيرية ، خلق طبقة من المفسدين ومفتعلي الأزمات ومختلسي الأموال العامة ومزوري الشهادات .. الذين استطاعوا أن ينفذوا من خلال بعض الثغرات في اللوائح المعمول بها ، واستفادوا من علاقاتهم العامة ليحققوا مكاسب شخصية تستنزف موارد الوطن وتهدر طاقاته وتعيق عملية التقدم والبناء فيه.. ويقول الرسول العربي الكريم :” إنما أهْلَكَ الَّذينَ من قبلِكُم أنَّهم كانوا إذا سَرقَ فيهمُ الشَّريفُ ترَكوهُ وإذا سرقَ فيهمُ الضَّعيفُ أقاموا عليهِ الحد ، وأيمُ اللَّهِ لَو أنَّ فاطمةَ بنتَ محمَّدٍ سرَقَت لقطعتُ يدَها.” وفي هذا الحديث تأكيد من نبي أرسله الله رحمة للبشرية أنه لا يوجد خطوط حمراء لأحد فالجميع سواسية في تطبيق حدود الله.

من الآثار الايجابية في سيادة القانون أن المجتمع يعيش حالة من الأمن الفكري حيث لا إرهاب ولا ترهيب للأفكار والمعتقدات ولا تمايز بين الطبقات ولا عنصرية بين المذاهب والأديان ، ومن ناحية ثانية هناك تأثيره على الأمن الاقتصادي للبلاد ، الذي يجلب الرخاء والازدهار ويوفر فرص العمل للمواطنين كل وفقاً لكفاءته وما يملكه من مميزات وما يعطيه من انتاجية..ومن ناحية ثالثة ، فإن سيادة القانون يجسد لنا معاني الأمن الثقافي بكل فاعلية ،وهنا يقع علينا مسؤولية تحصين شبابنا من ارتكاب الأخطاء ، وتوعيتهم بعدم العبث بقوانين البلاد التي يسافرون إليها ، وأن يكونوا أمينين لموروثهم الثقافي الصحيح الذي يدعوهم إلى التعايش السلمي مع الجميع والانفتاح على الآخرين ومشاركتهم في إثراء المشهد الثقافي من علوم ومعارف وفنون وإبداعات أدبية..

يقول الشاعر أحمد شوقي :
وما نيل المطالب بالتمني ………. ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
وما استعصى على قوم منال …إذا الإقدام كان لهم ركابا
Twitter:@bahirahalabi

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *