ما أجمل أن يبدو الإنسان على طبيعته ويتصرف بشفافية وتلقائية دون عناء في صنع جملة أو تكلف في إدارة حديثه ، فقد يظهر في أحسن أحواله وهو يتمتع بصفاء النفس ونقاء الروح ، بعيداً عن البهرجة والتزييف ، قريباً من قلوب الناس يغرد بحلو الكلام ويأثر الألباب بلطف معشره وسعة ثقافته .

لقد سمعنا مؤخراً عن التقدم الكبير الذي حصل في عالم الطب التجميلي والتكميلي ، والذي أحدث ثورة في حياة الناس وصار هاجس الغالبية من الرجال والنساء ، حتى بات الاهتمام بجمال الوجه ورشاقة القوام غايتهم الكبرى وشغلهم الشاغل ،

على أمل أن يعيشوا طوال عمرهم بشباب دائم وببشرة نضرة ، وشعر كثيف يتلون مع الصبغات ،وأسنان بيضاء ناصعة تعكس ابتسامة هوليود .ومن جهة ثانية توجد هناك عمليات للتجميل لها دواع طبية ، يكون الغرض من اجرائها التخلص من آثار مرض ، أو حرق ، أو لإزالة أصبع زائد ، أو تعديل شفة أرنبية ، أو أنف مشوه أو لانقاص وزن زائد يهدد حياة صاحبه .

وحيث أن لجراحة التجميل أغراضاً وظيفية وجمالية، يستعيد من خلالها الجسم تناسقه وتوازنه ، فإن الذي يطرق باب العيادات التجميلية من أجل التغيير في قسمات وجهه ، فإنما يفعل ذلك على حساب ثقل الجوهر وتغذية الفكر وتنمية المواهب والقدرات ، وهو كمن يسبح عكس التيار ، وضد الطبيعة ودورة الحياة ، وكما يقال في الأمثال الشعبية : “لا يصلح العطار ما أفسده الزمن ” .

فتلك الممارسات الخاطئة التي يسلكها البعض دون مبرر أو أسباب ملحة ، تؤدي بالنتيجة إلى هدر للأموال ، وإضاعة للوقت ، وإضعاف لدور القدوة ممن يعول عليهم وينتظر منهم النصح والتوجيه لأجيال تصغرهم في العمر والخبرة والتجارب . وقد نرى سيدة متقدمة في العمر وترغب بالظهور كامرأة في العشرين أو الثلاثين ، فتلجأ إلى شد الوجه والجفون والرقبة ,وإلى نفخ الشفاه وحقن الجبين ومحيط العين بمادة البوتكس أو الفيلر ، وأخرى تلجأ إلى نحت جسمها ، وشابة تضع الرموش الاصطناعية وتضع المكياج بشكل مفرط مع كل صباح .

لكي تبدو جميلة وتنال كلمات الإعجاب ، وتسمع البعض يقول لها : تشبهين إحدى الشهيرات .!!. ولكن لماذا هذا التوجس من تقدم العمروعدم القناعة بما نحن عليه ؟ ولماذا كل هذا الإسراف في الصرف على التزيين والتجميل ، ونحن نعلم مدى الضرر الذي ستحدثه تلك المساحيق على البشرة وخاصة إذا كانت رديئة المنتج ، ونعلم أيضاً مدى الضرر الذي يحدثه النفخ في ارتخاء عضلات الوجه ، وندرك أيضاً أن عمليات شفط الدهون بتقنية الليزر أوالفيزر قد تحدث بعض الآثار الجانبية كالبثور والكدمات والتورم وضعف في وظيفة الأعصاب .

سيدتي الجميلة ، لا تنزعجي من تواضع الجمال لديك ، ومن تعب السنين وعلامات الشيخوخة على وجنتيك ، ثقي في نفسك ولا تلتفتي إلى صرعات الموضة ، وجنون التقليد ،اكسري مرايا الحائط والجدران ، دعينا نتلمس جمالك الحقيقي من خلال طلتك البهية ورائحتك العطرة وملابسك الأنيقة ،دعينا نستفيد من علمك وحسن إدارتك ونشيد بتربيتك الفاضلة ،

تصالحي مع نفسك وافتخري بما تقدميه من خدمات لمجتمعك ومن حسنات لأهلك وأسرتك ، فالتَجاعِيد التِي أراها على وجهك ْ .. تَحكِي لنا قصّة كفاح وصبر طويل ، والشعر الأبيض في رأسك رمز للحكمة ومبعث للوقار ، فكوني كما أنت يكون الجمال ، ولك منا كل التقدير والاحترام .
Twitter:@bahirahalabi

التصنيف:

2 Responses

  1. لا جمال فوق جمال العقل والدين …
    بالتوفيق وإلى مزيد من الرؤى الاجتماعية النيرة

  2. مزيدا من التقدم والتألق ،، والاضاءات الهامة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *