حضارات الأمم السابقة ، تفخر البشرية بها وقد صنعها الإنسان بيده ، وهو الذي خرج لهذه الدنيا كما خلقه رب الكون تستر سوءته ورقة شجر التوت ، وتسد جوعه ما تيسر من حشائش الطبيعة . ومع مرور الأيام وازدياد الحاجة إلى التنوع واستجابة لغريزة البقاء ، طور الإنسان أدواته ولبىّ احتياجاته المعيشية وحقق طموحه الآدمي ، فوصل إلى الفضاء وشقت سفنه عباب البحار وفجر باطن الأرض واستخرج ما اكتنزته من ثروات وما منحه الله من هبات .. فمنذ قيام أول حضارة ، كان الإنسان فيها هو البطل وهو الخيّر الباني وهو الشرير الهادم . والحضارة هي نظام اجتماعي فيه غزارة بالإنتاج الثقافي وما يحمله من معارف وآداب وفنون ، وكثرة في الموارد الاقتصادية، وقوة في النظم السياسية، وسلوك سليم للعادات والتقاليد، وبيئة آمنة تحفز على الابداع وتحقق دوافع التطلع والاستنهاض والمضي قدماً في طريق الازدهار والتقدم . ولكل حضارة ما يميزها من قوانين، وما تطرحه من علوم وما تتركه من آثار ومعالم بارزة ما تزال صامدة إلى يومنا هذا ، ومن تلك الحضارات : (الحضارة السومرية ، الهندية ، الفرعونية ، الكنعانية ، الصينية ، اليونانية الإغريقية ، الكورية ، الرومانية ، الفارسية ، الأوربية ، الشمال الافريقي ، أمريكا اللاتينية ( المايا ) ، القياصرة الروس ، والحضارة الاسلامية التي جاءت لتمزج الشعوب العربية مع غيرها من الشعوب التي شملتها الفتوحات فاعتنقت الإسلام وآمنت بثقافته وبتطبيق مبادئه وقيمه).
ونحن نعيش الآن في القرن الواحد والعشرين ، هل يعقل أن نشاهد الانسان في بعض الدول التي تشهد حروباً ونزاعات يهدم ما بناه السلف وما طورته الأمم على مدى العصور والأزمان في دقائق أو ثوان معدودة؟، وبدل أن يضيف للعالم وينفع البشرية بالإنجازات والابتكارات ، نراه يلجأ وللأسف إلى ارهاب الآخرين وإثارة الفوضى والنعرات الطائفية وقد تخلى عن واجبه الوطني والإنساني ، وتقاعس عن فلاحة الأرض وجني المحصول وتطوير المصانع والمختبرات ، ونأى عن الدراسة والتحصيل العلمي ، لا يرعى أسرة ولا يربي طفلاً ولا يعين مسناً .. كل ما يطمح إليه أن يحمل السلاح وينضم إلى الجماعات الضالة ويسمي نفسه مجاهداً ، يتلق المبالغ الطائلة – من الجهات التي جيشته – والتي تفوق مئات المرات عما كان يكسبه حين كان إنساناً بسيطاً يكد ويكدح ويقدم خدمات جليلة لمجتمعه .لقد شوّه صورة المسلمين حين جز رؤوس الآمنين وأكل أكباد المختلفين معه في الفكر وحين كبّر باسم الدين ، وحين حطم التحف والتماثيل التي ابدعتها يد الفنانين منذ آلاف السنين واعتبرها من صنع الشياطين ومن عبادة الأوثان .. لقد هدم الصوامع ودور العبادة وكفر الناس ، محا التاريخ وطمس الهوية .. فأي دولة خلافة -هؤلاء الدواعش والمنظمات الإرهابية – ينشدون.. ولأي حضارة ينتمون؟.
ونحن إذ نفتخر بأننا شعوب خير أمة أخرجت للناس ، ندعو الله أن تتطهر بلداننا من هؤلاء الظلاميين الذين شوهوا مبادئ الإسلام ونشروا الرعب وأخافوا المجتمعات الدولية من المسلمين ، كما نرجو الله أن يعود شبابنا إلى رشدهم وتقوى علاقتهم بأرضهم والتراب الغالي الذي تربوا عليه ، ويساهموا في بناء أوطانهم وانعاش الحياة فيها وخاصة الحالة الاقتصادية ، فتنتهي البطالة وقلة الموارد التي كانت أحد مبررات انحرافهم يوماً ما .ونعود كما كنا دعاة محبة وسلام ومقيمي عدل ومساواة.

Twitter:@bahirahalabi

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *