العمل بعيدا عن السجال السياسي

• بهيرة محمود الحلبي

مع هبوب رياح السموم على عالمنا العربي وتردي الأوضاع وانعدام الأمن والاستقرار في بعض الدول الشقيقة ، ومع ازدياد مشاهد العنف والقتل والتدمير ، وانتشار الهرج والمرج ، أصبح الحديث عن الشأن العام والتكلم في السياسة هو شغل الناس الشاغل ، وصارت الاخفاقات والتحديات في التوصل إلى اتفاق لإحلال السلام ووقف إراقة الدماء ضرباً من الخيال وحلم كل انسان ، فقد أدمن المواطن العربي متابعة الأخبار السياسية والعسكرية حتى صارت غذاءه اليومي بكل ما تحمله من منغصات وما تعكسه من سلبيات على صحته العقلية والبدنية .

ولكن إلى متى سنستمر في هذا السجال ونحوم في دوامة المشاكل التي تقض مضاجعنا وتزيد من توترنا ، والتي نادراً ما نصيب في تحليلها أو معرفة حقيقة ما يجري في كواليسها ، وكيف لنا أيضاً أن نخرج من هذا العراك اليومي ونستغل وقتنا بما يعود بالنفع والفائدة على الوطن والمواطن.

لقد دأب بعض الإعلاميين والكتاب والصحفيين ومن يدعون أنهم علماء ورجال دين في اعتلاء المنابر والظهور عبر القنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي لفرض آرائهم علينا وتجييشنا بترهات ما ينقلوه إلى مسامعنا من أفك وتضليل وتحليلات خاطئة وتنبؤات مضللة عن واقع الأحداث الجارية ،،فقد نصبّوا أنفسهم وكلاء عن القيادات السياسية ، فتطاولوا على الرموز الوطنية ، والشخصيات الفاعلة الاجتماعية ، فاتهموا بعضها بالخيانة وبعضها بالتقصير، واستهزأوا من بعضها الآخر ، وكفروا البقية الباقية ، حاملين شعار إن لم تكن معي في المنهج والتفكير فأنت ضدي ” ، .. ونحن في دورنا ، نتأثر بحوارهم ونصطف خلف من يبهرنا حديثه لنسوقه على محيطنا من الأصدقاء والمعارف ، وندخل معهم في جدالات ومشادات كلامية .ليس فيها غالب ولا مغلوب . لا تثمر ولا تغني من جوع،،،.

السياسة هي فن الممكن ، تحكمها البراغماتية في التطبيق والمصالح في الهدف والمعيار .. وبالنتيجة لا يمكننا كشعوب أن نتوقع ما ستؤول إليه الأوضاع أو نقيّم مصداقية هذا الطرف أو ذاك بالشكل الذي نراه بأعيننا ويمليه علينا ضميرنا ، فلا يوجد في السياسة عداوة دائمة ولا صداقة دائمة وإنما مصالح دائمة ، فلنترك السياسة وشأنها ولنبتعد عن السجالات العقيمة التي تؤخر تقدم الانسان ولنلتفت إلى بناء الأوطان ، وحيث تعيش معظم دول المنطقة في وقتنا الراهن ضمن ظروف معيشية واقتصادية صعبة ، يبقى الاهتمام بالشأن العربي واحتضان المتضررين وايواء المشردين وتعليم الأطفال وتمكين الشباب المحتاجين للعمل هو مطلب انساني وواجب ديني ، وتخطيط استراتيجي يجلب الخير والسعادة لجميع دول المنطقة ، وعلينا أن نتذكر أن الحفاظ على مكتسبات الوطن والالتفاف حول قيادة البلاد والوقوف إلى جانبها في كل ما يمس أمنها واستقرارها ، وكذلك إعانة ولي الأمر على تسيير دفة الحكم وتحقيق رؤيته في النهوض والنمو هو واجب وطني ، يقوي الروابط مع الدولة ويحافظ على هيبتها ، كما يتوجب علينا أن نعي أن نشر قيم المحبة والتسامح بين البشرية كافة والاتفاق بين الناس على كلمة سواء هو ما يحقق السلم الاجتماعي ويوصل الأمة إلى بر الأمان بعون من الله ورعايته.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *