هذه الرياض التي نتغنى بها ، مدينة الأمن والسلام والخير والعطاء على كل من حطّ رحاله فيها لأجل العمل والترزق ، أو بهدف العلم والدراسة أو للاستطباب والمعالجة ، أو طلباً للملاذ الآمن وهرباً من حرب مستعرة أو استعمار غاشم. وبالأصالة عن نفسي ، وغيري ممن يقدرون هذه الأرض الطيبة ، أعلن عن حبي وبكل جوارحي لهذه الرياض التي أقيم فيها منذ أربع سنوات، وأرجو لها مزيدا من التقدم والازدهار . وتلك أمنية موصولة إلى كل مدينة ومحافظة وهجر وقرية في ربوع مملكتنا الغالية ، فالولاء والانتماء للمكان الذي يستوطنه الإنسان يجب أن يكون هكذا وأن يبقى ديدنا في الحياة ،فهو تأصيل لقيم ومبادئ نشأنا عليها ، وتربية وطنية لا نحيد عنها .. . الرياض التي نحب ، تقع في قلب صحراء قاحلة وتمتد على هضبة رسوبية يبلغ ارتفاعها 600 متر عن سطح البحر، يتخللها العديد من الأودية كوادي حنيفة ووادي الرمة وفيها واحات تمتلئ بأشجار النخيل وتجري بها الشعاب . وفيها آثار ومدن تاريخية كالدرعية التي ارتبطت بتجربة الإنسان الحضارية في الاستقرار والتعمير وتميزت بمناظرها الطبيعية الخلابة وكانت عاصمة ومقراً لحكم الدولة السعودية الأولى ، وهناك المصمك الذي كان يعتبر حصناً حربياً ، وهناك المتحف الوطني الذي يحكي قصص التاريخ وحكايا الكون والبشر, وهناك العديد من المتنزهات والحدائق العامة والمناطق الطبيعية الجميلة التي تستحق الزيارة مثل حديقة السلام ومتنزه الملك عبد الله ، جبل أبو مخروق ، جبل طويق ، حديقة الغرفة التجارية، حديقة الحيوانات وهناك أيضاً المراكز التجارية والمالية والصروح العمرانية التي بنيت على الطراز العصري الحديث .والسؤال الذي يؤلمني :هل تمتلك الرياض التي نحب أسباب الراحة والاستجمام فيها والسياحة في أرجائها رغم كل ما يتوفر لها من مقومات وما تحتويه من أماكن ومساحات ؟ . اعتقد أن هذه المدينة العظيمة تحتاج إلى لمسة حانية من قبل ساكنيها ومن يتولون أمرها ، فالمدينة أصابها الخواء العاطفي من كثرة القسوة عليها ، فبعض قاطنيها يعبثون في مرافقها ، همهم قطف الثمار وليس الزرع والسقاية . ولعل في صورة التعدي الجائر على بعض الأرصفة وتسويرها وضمها للبناء الذي هو قيد الإنشاء أكبر دليل على تعنيف هذه المدينة والسطو على مكملات هندسة الطرقات فيها بحجة انهاء أعمال الصيانة والتشييد ، وهذا الاستلاب يحرم الناس من ممارسة رياضة المشي التي أصبحت حاجة ضرورية ومطلباً لصحة الانسان وسلامته ، وإذا ما تناولنا الجانب الروحي لهذه المدينة التي نحب والذي لا يقل أهمية عن المشهد المادي ، فإنني اتلمس في كلام الناس حاجتهم إلى الاستمتاع بأوقات فراغهم بعيداً عن المباني والأماكن المغلقة وايقاعات العمل الصاخبة وحلمهم بالخروج إلى الطبيعة والهواء الطلق حيث المقاهي السماوية والجلسات العائلية ، كما استشعر من خلالهم شوقهم إلى إحياء الزمن الجميل حيث كانت العلاقات الحميمية هي السائدة بين الناس ، وهم يتطلعون أيضاً إلى أن تصبح مدينتهم مفعمة بالحيوية وغزيرة بالأنشطة الثقافية والمهرجانات الموسيقية الهادفة والكرنفالات الشعبية والمارشات العسكرية التي تقام في الساحات والميادين وتضفي جواً من الفرح والسعادة على الجميع وتغذي الروح وتسمو بالنفس ، وتقوي العلاقة بالأرض والوطن ،بعيداً عن التكلف الباذخ الذي يصنف فئات المجتمع ويعمق التمايز الطبقي ويرهق كاهل البسطاء من الناس . ولمدينتنا التي نحب هذا الإهداء من أغنية :
قلبي تولع بالرياض .. …….حب ورثته من الجدود
ياصفحة ناصعة البياض .. زرعتي الصحراء ورود
يانجد يا أرضي وسماي .. يعجز عن الوصف اللسان
الحب مالي فيه رأي ….وما أظن لي غيرك مكان

Twitter:@bahirahalabi

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *