يقول الإمام الشافعي :لا تحاول الانتصار في كل الاختلافات ، فأحياناً كسب القلوب أولى من كسب المواقف ، ولا تهدم الجسور التي بنيتها وعبرتها فربما تحتاجها للعودة يوماً ما ..دائماً أكره الخطأ ، لكن لا تكره المخطئ .

ابغض بكل قلبك المعصية لكن سامح وارحم العاصي ..انتقد القول ، لكن احترم القائل ، فإن مهمتنا هي أن نقضي على المرض لا على المرضى ..هذه الحكم التي تصدح بالعقل وتؤصل للنظر والتفكر ويتبناها القلب والشعور إنما تعود على الانسان والبشرية جمعاء بالخير والفائدة وتجنب المجتمعات ويلات الحروب وتأزم الأحداث ..

تلك كانت مقدمة للولوج إلى موضوع الذكاء العاطفي الذي يجب أن نمارسه في حياتنا اليومية ونستثمره بكل كياسة وأناقة في علاقاتنا العامة .قد توصف شخص ما بأنه انسان ذكي ولديه وعي اجتماعي حين يحسن في ادارة عواطفه وشعوره الشخصي ولديه المقدرة على التعرف على عواطف الآخرين ،

والتفاعل معها وفقاً للحالة التي تفرض عليه . وتعد التوترات والصراعات التي يواجها المرء في حياته معياراً لقياس درجة تحمله تلك المشاكل والضغوط وكيفية التحكم بها واستيعابها وايجاد حلول لها ،

فالمرأة التي توجه اللوم إلى زوجها وتنعته بأقسى العبارات بسبب السهر خارج المنزل والتقصير في أداء الواجبات ، هي تفاقم المشكلة وتتعامل معها بسلبية وتجعل الموقف يتخطى حجمه الطبيعي، وكان بإمكانها أن تستشعر احتياجات زوجها وتحدث التغيير المطلوب في سلوكه لو أنها هيأت له البيئة الجاذبة ودفء العائلة ،

وفي مسألة تأنيب الطلاب على فشلهم الدراسي والتقليل من قدراتهم على الاستيعاب ، دون معرفة أسباب تعثرهم والوقوف على حلها بشكل ايجابي ، قد يشكل صدمة حقيقية في حياة الطالب ويعيق تقدمه .

يقول سقراط : إن أي تعلم يبنى على أساس عاطفي(All learning has an emotional base . ).وفي قضية فن التعامل مع المراهقين ، يمكننا أيضاً الاستثمار في طاقات هذه الفئة الفتية وتجنيبها مخاطر الانحراف والضياع ، لو أدركنا التطورات السريعة التي تطرأ على كيانهم من عنفوان وإثبات للذات وتم احتضانهم ومصاحبتهم والإصغاء إلى مطالبهم في أوقات مبكرة .

أما في عصرنا الراهن ، ومع تنامي العنف وكثرة مشاهد القتل والتدمير والتراجع في سوية الأخلاق ، صار الإنسان يتوق إلى التغيير الذي يجلب له السعادة ويؤمن فرص العيش الكريم ، وقد تكون أولى الخطوات الناجحة في الوصول لهذا المرتجى هو تدريب النفس على براعة الفم وادارة الاختلافات بود والعمل على كبح المنغصات بحنكة وذكاء العارف لا المتهور الطائش ، بحيث تصبح التغذية الراجعة لكل ما يعكر صفاءنا هو التخطي والتقدم إلى الأمام لا التجمد واجترار القيل والقال . يقول الفيلسوف هرقليطس: ” كل شيء يتغير إلا قانون التغيير “.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *