الاستدامة مطلب إنساني (sustainability )
أن تدعو لأخيك الإنسان ” الله يديمك “، فهذه عبارة تشرح صدره وتزيد من سعادته على أمل أن يطيل الله في عمره ، فيستزيد من المال والثروة ويكثر من إنجاب الأبناء ويتمتع بالأحفاد ، فهم زينة الحياة الدنيا يباهي بهم الآخرين ، وهم من سيحملون اسمه لأجيال وأجيال ويحييون ذكره بعد الممات. الاستدامة هي حفظ نوعية الحياة التي نعيشها وهي الاستخدام المسؤول للموارد الطبيعية والبشرية ، وحين يعلّم أحدنا المتسول مهنة اصطياد السمك على سبيل المثال ، سيبقى التعليم أفضل بكثير من التصدق عليه ، لأنك ستكسب الأجر والثواب في تطويره ، وسيرتقي هو إلى مستوى يؤهله أن يكون عضوا منتجاً وإنساناً فاعلاً في المجتمع ،فالاستدامة تحقق الاكتفاء الذاتي حين تدار بمواصفات جيدة وجودة عالية ، وهي كالنبع الذي لا ينضب تسد احتياجات ومتطلبات الكائنات الحية على مدى الزمان والأيام . وفي هذا الخصوص علينا أن نسأل أنفسنا ، كيف يمكننا أن نستحدث وظائف وفرص عمل جديدة للشباب؟ ، وكيف سنوفر الطاقة النظيفة للجميع ونخلق أنظمة صارمة ٍللنقل والمواصلات لا تسبب تلوثاً في البيئة ؟ كيف نصد الكوارث الطبيعية ، ونحمي الانسان من حياة التشرد والبؤس والحرمان ؟ كيف سنؤمن له الماء العذب والغذاء الصحي الذي يقيه من الأمراض ويضمن له مستوى من العيش يليق بكرامته ويراعي انسانيته ، وكيف سنوفر السماد اللازم للنبات والتربة الصالحة للزراعة ومن أين نأتي بالعلف المناسب للمواشي والحيوانات ؟. المسألة تحتاج إلى تثقيف الآخرين على أهمية التفكير بغدٍ وبماذا بعد،؟ وبتردد عبارة “اعرف كيف ( know how ) ” . فعلى نطاق الأسرة نجد أن الأم التي توجه أبناءها إلى أهمية الإتقان في العمل والاقتصاد في الصرف والترشيد في استهلاك الماء والكهرباء والجدية في الدراسة والالتزام بالمواعيد والتقيد بالعادات الصحية السليمة والمحافظة على نعمة الطعام ، وضرورة مراعاة النظافة في البيت والمدرسة والأماكن العامة . أما على نطاق المجتمع والمدرسة ،فنجد أن المربي الذي يزرع في طلابه مبادئ حب الوطن وحماية حدوده وعدم العبث بأمنه ومقدراته ، ويحرم عليهم السرعة الخارقة في قيادة المركبات واحترام قوانين السير وسلامة المواطنين ، ويحثهم على عدم التعدي على كنوز الطبيعة وثرواتها ، ويجنبهم الصيد الجائر وينصحهم بالاعتدال في ذبح الحيوانات والطيور التي أحلّ الله لحمها ، هؤلاء هم من يؤسسون أولى لبنات الاستدامة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئة المحمية ، وهم من يستثمرون في مكونات الثروة البشرية التي تصنع الحضارة وتبني الإنسان .
التصنيف: