أهلا رمضان …وفرحنا به بعد غيابه

• بهيرة محمود الحلبي

شهر ننتظره لنكون إلى الله أقرب ، نصوم النهار نكثر من قراءة القرآن الكريم ، نشعر فيه بالبائس المسكين ، نكثر من الاستغفار ، ونرتاد بيوت الله لأداء الصلوات والنوافل … فلماذا الصوم؟ هل أراد الله أن يعذبنا إذ يحرمنا من الطعام والشراب ، ولمدة قد تزيد في بعض البلاد عن عشرين ساعة في اليوم . بالتأكيد لا، ففي الصوم تهذيب للنفس ، تعود على الصبر تجديد للروح ، متعة في الطعام ،صيانة للصحة العامة ، مدرسة للأخلاق نتخرج منها وقد استطعنا أن نكبح جماح شهواتنا ونتحكم بفيض رغباتنا.
رمضان ..هو فرصة ذهبية لإبراز قوة المسلمين الحقيقية في تعاضدهم وتراحمهم وفي مدى انتظامهم لوقت يحين الإفطار ويقرب السحور ، وحين يجتمعون في المساجد لأداء الصلاة وقد ارتصوا في صفوف مستقيمة يسجدون ويركعون ويتشهدون بآن واحد في مشهد رهيب وصورة بديعة قل نظيرها في العالم ,وفي رمضان أيضاً يمنح الجهاز الهضمي فترة نقاهة لمدة شهر يساعد الجسم على التخلص من السموم الغذائية الناتجة عن عمليات الأيض والاضطرابات المرافقة نتيجة لتناول الطعام بشكل مستمر ، ويعالج الالتهابات في المفاصل ويعزز قدرة الجسم على الحرق والتخلص من الدهون الزائدة كما يزيد من تحمل الانسان للشدائد ويذكر الانسان بالمجتمعات التي تعاني الفقر والمجاعة وقلة الموارد فيقوى ايمانه بالله ويقدّر نعمه العديدة عليه ويشعره كيف كان مفضلاً على كثير من العباد .فيزداد عطاءه وتكثر أعماله الإنسانية لتصبح من أولوياته ويصلَ به الى الإحسان، وزيادة الطاعات والعمل الصالح وما فيه من أجر مضاعف. في رمضان أيضاً يصوم القلب عن الوساوس والشبهات ويصوم السمع والبصر عن الخطايا ، واللسان عن الزلات وتصوم سائر الجوارح عن المحرمات الحسية والأخطاء المعنوية.
ومن جانب آخر لا يمكننا اغفال ما نشهده من تغيير في سلوك وتصرفات الصائمين ، فهناك فئة من الناس لا ترغب بالعمل أثناء النهار بل تفضل النوم حتى لا تشعر بالجوع وهناك من يثور ويغضب عند أقل صدام مع الآخر، ، ونرى غالبية الناس تبدأ بالتحضير والاكثار من شراء المواد الغذائية وكأننا في سباق مع من يلتهم من الطعام أكثر ، متناسين أهمية عدم الاسراف والتبذير في هذا الشهر الكريم وضرورة تكريس الوقت الأكبر لعبادة الله وتقديم العون والمساعدة للطبقات المحرومة من المجتمع والشعوب الجائعة في العالم ، كما أن هناك من يضيع الوقت الأكبر في طهي العديد من أصناف الطعام ، وتناول الحلويات المتنوعة ، ليصاب بعدها بالتخمة والكسل في الحركة وبالتالي يحرم الجسم من الفوائد الصحية لهذه الفريضة . في رمضان أيضاً هناك عادات وتقاليد لأناس في بعض الدول من يقضون ساعات السحر في خيمات رمضانية من أجل المتعة والتسلية وشرب الشيشة ومشاهدة المسلسلات الفنية التي تعرض على القنوات الفضائية المختلفة . وفي هذا الشهر أيضاً تزدحم الأسواق ويتعرقل المرور في الشوارع والطرقات فالجميع يركض لاهثاً لشراء احتياجات العيد من ملابس جديدة ولوازم للضيافة.
قالوا :”إذا لم تستطع قيام الليل ، وصيام النهار وأن تطهر نفسك من كل غل وتحامل على الآخر،،وما لم يزداد تكافلك الاجتماعي وترتقي بأعمالك الانسانية …….. فاعلم أنك محروم”..
وقال سبحانه وتعالى:{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ، فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ} صدق الله العظيم.
Twitter:@bahirahalabi

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *