مع أفول النهضة الإسلامية في القرن السابع الهجري وتراجع الأمة العربية عن  المشهد الثقافي والعلمي ، دخلت الشعوب والبلدان العربية مرحلة الجمود الفكري والتخلف في العادات والتقاليد الاجتماعية ،  والتشظي في السياسة والانهيار في الاقتصاد .. واستمر هذا الحال حتى وقتنا المعاصر وبدرجات متفاوتة بين كل دولة وأخرى .

ففي بداية عصر الانحطاط ، انتشرت الخزعبلات والأساطير الخرافية ، وكثرت الحكايات عن كائنات وهمية كالجاثوم والأطباق الطائرة والعنقاء والغول وصار الانسان يمرض من شدة الخوف وهول الوهم ويستقي علاجه من  الرقاة الدجالين والسحرة المشعوذين وقارئي الفنجان الكاذبين ، الأمر الذي أزم  صحته ، وجعله يستسلم لليأس ويتقاعس عن الجد والسعي ..

وحيث نعيش الآن مرحلة التقدم العلمي والانجازات الكبرى في التقنية وثورة المعلومات على المستوى العالمي –  ما يزال بيننا للأسف من يحذر العين وتنتابه الريبة من الانفتاح على الآخرين والتحدث إليهم بصدق وشفافية أو حتى القبول باستقبالهم في منزله لأنه يخشى الحسد ويخاف من زوال النعم ،

في الوقت الذي نرى فيه زوجة الأمير وليام ابن الأمير تشارلز ولي عهد بريطانية “كيت ميدلتون ” ، تخرج إلى الجمهور بكل ثقة ، وتلقي عليهم التحية بعد يوم واحد من ولادتها ، غير آبهة من عين صائدة تنهك قواها ولا نظرة ثاقبة تطردها من قصور الأسرة الملكية .

فهل يعقل أن نشاهد امرأة في القرن الواحد والعشرين تحمل أعلى الشهادات الأكاديمية ولا تزال تتحدث بأسلوب الجاهل والمغلوب على أمره ، وتندب حظ ابنتها الجميلة والمتعلمة التي لم يتقدم أحد للزواج منها لظنها أن عملاً سحرياً قد كتب لها وأعاق مستقبلها !!

وهل مقبول أن يسود المجتمع اعتقادات خاطئة توسوس في عقول بعض الناس كمقولة  : الدجاج يرى الملائكة ، والحمير ترى الجن ، والجن يعاشر النساء ، وأن بعض المتلبسين ينطقون بلغة أجنبية ، وأن هناك جني يراسل الناس على الواتس آب وآخر يتصل بهم على الهواء مباشرة ..

وأن الراقي الشرعي هو من بيده المفاتيح لفك الطلاسم وتفسير الأحلام ، وهو من يمتلك القدرة على اخراج العفاريت من نفوس المضطربين .. بعض الرقاة ممن يرجون التكسب والربح المالي ، يستغلون ايمان الناس وثقتهم بقراءة القرآن الكريم في الاستطباب ، فيزيدون الوهم على المستضعفين باتباع طرق واساليب مخالفة لقوانين الصحة والشرائع السماوية ، فيلجأ أحدهم  إلى ضرب المريض المصاب بالمس الشيطاني ،

وآخر يصف خلطة من الأعشاب الضارة ، وغيره يدعو الناس إلى التبرك بشرب ماء زمزم الذي نفخ عليه وامتلأت ذراته بالجراثيم المعدية !! هؤلاء حقاً هم تجار للوهم ويقفون حائلاً أمام منجزات الطب وتقدمه ، ويعيقون تطور المجتمع . علينا الابتعاد عنهم والتفكر بتدبير أمورنا من دونهم  ، يقول المولى :” وفي أنفسكم أفلا تبصرون “.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *