رشاقة الأجسام في قوة الإرادة
قديماً كان الشعراء يتغزلون في المرأة المترفة التي تؤوم الضحى ويعشقون الممتلئة رمز الخصوبة التي تمشي ببطء من ضخامة ما تكتنزه من دهون بين ثنايا جسدها ، كما يسير الهودج من ثقل ما يحمله ، وها هو الشاعر الأعشى يصف محبوبته هريرة أنها تتثاقل على الأرض في هدوء ودلال ، كما المتألم من رقة قدميه وهو يخوض وحل الرمال :
غَرّاءُ فَرْعَاءُ مَصْقُولٌ عَوَارِضُها…… تَمشِي الهُوَينا كما يَمشِي الوَجي الوَحِلُ
ولكن ماذا عن صحة تلك المحبوبة ، ومن سيعينها إن استعصى عليها المنال ، ومن سيخفف آلامها حين يشتد عليها المرض ويفتقد القمر في الليلة الظلماء ؟ …
يعاني الانسان السمنة حين يزداد وزنه عن الطبيعي ، وتتراكم كتل الدهون في جسمه فتسبب له كسل في الحركة البدنية وصعوبة في التنفس ، وحين تتحول إلى سمنة مفرطة ، تؤدي به إلى الإصابة بداء السكري وارتفاع ضغط الدم والتهابات في المفاصل والعظام . إن للحياة العصرية الني نواكبها تأثير كبير على الصحة العامة ، وإن ارتفاع نسبة السعرات الحرارية التي تربصت في أجسامنا ، جاءت إما نتيجة لخلل بيولوجي يتعلق بالغدد الصماء وبعض العوامل الوراثية ، أو اهمال للأنشطة الرياضية ، والاعتماد على المركبات في التنقل والآلات في الانتاج ، والجلوس طويلا على الاجهزة الالكترونية ، وتناول الوجبات السريعة المشبعة بالدهون ، والتسالي ببين الوجبات بما لا يفيد ولا يغني من جوع .
تعتبر السمنة من أكثر مشكلات الصحة خطورة وتهدد حياة ومستقبل الإنسان ، ولكي نخفف من أوزاننا ونصل مستوى الرشاقة في أجسادنا ، يجب أن لا تغرينا صرعات الموضة ، وما يروج له من عمليات الليزر والفيزر في التخسيس وشفط الدهون ، بل الاصرار على تقوية ارادتنا في تغيير نمط عيشنا ، ومقاومة كل ما هو شهي ولذيذ ويوقعنا في فخ السمنة ، ولنعترف بأن النافع من الطعام هو الاستكثار من شرب الماء والاستزادة من الفواكه الطازجة والخضار الورقية الغنية بالألياف ، والاقلال من المواد الدسمة والطعام المطهو ، وكذلك المشي اليومي لمدة نصف ساعة على أقل تقدير ، وممارسة الاسترخاء والتنفس العميق الذي يزيل القلق ويخفف التوتر.
الوزن المثالي يجب أن يكون هدفنا واللياقة البدنية وسيلتنا والوصول إلى الرشاقة غايتنا ، فهي سر جمالنا ، وهي مبعث الطمأنينة في أنفسنا ، التي تجعلنا أكثر تفاؤلا وأكثر عطاء ، نعيش نضارة الحياة ونسير في دروبها بكل ثقة واقتدار .
التصنيف: