سلامة المجتمع من سلامة الأطفال

• بهيرة محمود الحلبي

عندما ينزل الطفل إلى الشارع ويحتضنه رفاق السوء ، فيكتسب من خلالهم العادات الذميمة  والسلوك العدواني ويتحول إلى نمر،  يجرؤ على التلفظ بفحش الكلام وبذاءة اللسان  ، وحين لا يحترم ذاك الطفل الكبار في السنً ويمارس الوقاحة وقلة الأدب أمام القريب والبعيد وأمام المواطن والغريب ، فلا شك هناك معضلة تربوية تلوح في الأفق ، يتحمل الأهل والمدرسة ومراكز الرعاية الاجتماعية أسباب وجودها ، وفي المقابل ،

حين نبالغ في تدليل الطفل ، ونغمره بالألعاب ووسائل الترفيه والتسلية ،ولا نولي الجانب التثقيفي والمعرفي أدنى اهتمام ، وحين نجلب له أغلى الثياب بغرض التباهي والتمايز ، فإنها أيضاً تربية خاطئة وتأسيس لشخصية غير متوازنة ، تفشل عند أول امتحان  .هناك نماذج لأطفال بيننا نتألم لحالهم المتردي ، ففي الآونة الأخيرة  انتشرت ظاهرة الأطفال المشردين الذين فقدوا من يعيلهم ويأويهم ومن يتابع تعليمهم ، فصارت الأرض لهم فراشا والسماء لهم لحافا وحاويات بقايا الفضلات  لهم غذاءً .

وصار من السهل على شبكات التسول ، وقطاعي الطرق ومافيا المخدرات والعصابات المسلحة ، أن تتلقفهم  وتغريهم ببعض المال وتدربهم على ممارسة  ما يضر الانسان ويفتك بالمجتمع من سرقة وتسول وادمان وعنف ضد الأفراد وضد الممتلكات العامة ، وأن تحولهم أيضاً ، نظراً لصغر سنهم وسهولة التأثير على عقولهم ، إلى ارهابيين توكل إليهم مهمة التفجير وترويع الآمنين ..

وهناك من الأطفال من يعيش العزلة والانطوائية نتيجة لانفصال الأبوين أو وفاة أحدهم أو لأسباب تتعلق بعاهة جسدية أو اضطراب في النمو أو تشوه في الشكل ، وهناك أطفال  افتقدوا عطف الأهل ودفء الأسرة ونشأوا في بيئة يسودها العنف والتوتر والاستبداد في اتخاذ القرار.

ومنهم من أجبر على ترك الدراسة والعمل في سن مبكرة ليصرف على عائلته التي تعاني الفقر والحرمان ، فضاع  حلمه في نيل الشهادات. وما يحز بالنفس حقاً  ، مشهد طفل موهوب لم يلق تشجيعاً من الأهل ولم تستثمر في قدراته أي جهة أخرى ، فتحطمت آماله أمام وطأة الحاجة وجهل الآخرين…هذه المآسي التي يعيشها الطفل وتلك الحالة المزرية التي يكابدها ، لا بد من ايجاد حل جذري لها ، فالطفل هو إنسان وله حقوق مشروعة ،

ومن واجبنا أن نحميه من ارتدادات ما يجري من أحداث دموية وصراعات ليس له ذنب فيها .ونجنبه سوء ما يفعلون . ومن الجدير عمله أن تتكاتف الجهود وتتضافر المساعي بين الهيئات الرسمية والجمعيات الخيرية والمنظمات الدولية من أجل تحسين أوضاع الأطفال ، ولمّ شمل كل من تشرد منهم وإعادة تأهيله من خلال مراكز الايواء الاجتماعية ، أو  قرى الأطفال العالمية(SOS) التي تهيئ لهم الأسر البديلة ..كما ويتوجب على القائمين في الشأن التربوي زيادة عدد الأنشطة والبرامج المهنية التي تنمي مهارات الطفل وتدربه على العمل الجماعي.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *