عنوان المقال يعود لاسم فيلم مصري أنتج في سبعينات القرن الماضي للكاتب احسان عبد القدوس عالجت قصته العقدة الاجتماعية والنفسية التي أصيب بها بطل الفيلم بعد أن وقع أسيراً لعادات وتقاليد مجتمعه المحافظ رغم سفره للدراسة في اوروبا ودراسته الطب ، حيث راوده الوهم وصار يشك في أخلاق وتصرفات جميع النساء حوله بمن فيهم زوجته التي أشفقت عليه وتفهمت حالته ، فلجأت إلى طبيب الصحة النفسية الذي تمكن وبمهنية عالية من تحليل شخصيته ومساعدته في الشفاء . المرض النفسي هو حالة من العجز تصيب الانسان تتعطل فيه المهارات العقلية والثقافية الطبيعية وينتابه شعور بالضيق تصل به إلى حالة من اليأس والرغبة في الموت . ولعل مرض الاكتئاب هو الاكثر انتشاراً بين الناس ، حيث يشعر المريض بعدم الرغبة في التحدث مع الآخرين والتمتع بطيبات ما رزقنا الله ، كما يشعر بفقدان الطاقة وضعف القدرة على الانتباه والتركيز .ونتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة والتربية الاجتماعية الخاطئة وبسبب الأحوال السياسية المضطربة في العالم ، نلاحظ أن الأمراض النفسية قد ازدادت بنسب عالية ، فبتنا نرى عيادات الأطباء النفسيين هي الأكثر ازدحاماً وصرنا نسمع عن مرضى كبار يعانون من الاكتئاب الحاد ، الوسواس القهري ، القلق ،الفصام ،الادمان ، الرهاب النفسي ، الهوس ، الهستيريا ، الهلوسة ، البارانويا (/ جنون العظمة paranoia ) ..، وأيضا أطفالاً صغار انتشر بينهم القلق والخوف من انفصال الوالدين، واستشرت العدوانية في سلوكهم نتيجة لمشاهد العنف والقتل والدم التي تعرض على المحطات الفضائية أو من خلال الألعاب الكترونية ، وبدت عليهم حالات التعاسة والانطواء والعزلة والفزع الليلي . وقد ذكرت دراسة طبية أن مرض الاكتئاب بدرجاته المختلفة من البسيط إلى الحاد والمزمن أصاب أكثر من 38% من أفراد المجتمع السعودي ، وخاصةً من هم في مرحلة الشباب، وعندما تصاب هذه الفئة العمرية بالاكتئاب فإنهم بذلك يفقدون الانتاجية وتضيع عليهم فرص العمل ويقتربون من حالة الضياع والانحراف وارتكاب الجرائم وتعاطي المخدرات ومواد الادمان ، وبالتالي يصبحون عبئاً على المجتمع والدولة ويعيقون خطط التنمية فيها .. وهنا يستوجب من الهيئات والمراكز الصحية رعاية هؤلاء المرضى ، ويستدعي فتح عيادات متكاملة وربطها بتخصصات الأمراض العضوية وزيادة عدد مستشفيات الصحة النفسية في المملكة بكافة مستلزماتها وتجهيزاتها وتوظيف الكوادر الطبية المؤهلة التي تعمل وفقاً للمقاييس العالمية في الاعتماد على ثلاثة برامج وقائية وتوعوية وتأهيلية التي تضمن الحقوق العالمية للمرضى .. وعلى الصعيد المجتمعي لا بد من نشر ثقافة الصحة النفسية التي تجدي نفعا ، والتي تهدف إلى عدم التسليم لفوبيا الحسد والعين أواللجوء إلى بعض المشعوذين والدجالين الذين يستغلون حاجة الناس ليبيعوا لهم الوهم ، وكذلك يجب عدم اعتبار المعتل نفسياً انساناً مجنوناً ، بل النظر إليه على أنه شخص متعب ومرهق ويحتاج إلى عطف واهتمام مضاعف ، وعلى كاهلنا تقع مسؤولية عرضه على اخصائيين في الصحة النفسية يشرفون على علاجه للعودة به- بإذن الله – إلى وضعه الصحي السليم وتمكينه من ممارسة حياته الطبيعية .. نشكر الصحة النفسية في المملكة التي وجهت مؤخراً إلى عدم مطاردة الخارجين عن النصح الطبي من المنشآت الصحية بهدف الرفق بهم والمساعدة في علاجهم .
يقول الرسول الكريم : ” الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ , ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ”

Twitter:@bahirahalabi

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *