دروس الهجرة وتربية النفس
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبد الله إبراهيم السقاط[/COLOR][/ALIGN]
ودعنا عاماً هجرياً واستقبلنا عاماً جديداً، وهنأنا بعضنا البعض بما يحب المسلم ويتمنى لأهله ولأخيه المسلم ولوطننا وأمتنا من خير ودعوات بأنه يجعله الله العزيز القدير عام خير وبركة وسعادة وفلاح بصالح الأعمال. لقد مضى على الهجرة النبوية أربعة عشر قرناً وثلاثة عقود بلغ الإسلام الحنيف خلالها أصقاع الأرض بالدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة ورغم كل ما تعرض له الإسلام والمسلمون من حروب ومكائد وتشويه، إلا أنه يشهد تصاعداً وانتشاراً وأصبحت الجاليات المسلمة في كافة المجتمعات، وكثر المسلمون في بلاد غير مسلمة وينالون حقوقاً تلو الأخرى رعم حملات المتعصبين، فالحمد لله على نور الهداية وضياء الاسلام.
ومما لاشك فيه أن ذكرى الهجرة تدعونا إلى وقفة صادقة مع النفس لنستلهم دروسها العظيمة في حياتنا العامة والشخصية، وكيف نخدم ديننا ونعلي شأنه بأن يكون المسلم على أخلاق الإسلام وتعاليمه في الكتاب الكريم والسنة المطهرة، لنكون أفراداً ومجتمعاً قدوة ونموذجاً، فمن أعظم معاني الهجرة النبوية ودلالاتها أنها ليست الانتقال والهجرة من مكان إلى مكان وإنما الهجرة المعنوية مطلوبة في كل وقت لصلاح البشر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وتعتبر محاسبة النفس من موجبات التربية الروحية، وتقويمها حتى تلتزم بالصراط المستقيم. وأمر الله عز وجل عباده المؤمنين الخشية من مخالفته، وتقويم ماقدموه من أعمال قبل الوقوف بين يديه، فقال سبحانه وتعالى: \” وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بها كنتم تعملون\”.
وفي الهجرة معاني الإيثار والتضحية، وليست الأنانية والجشع على حساب الغير من حق الناس وحق الدولة، وأن يهجر المسلم كل ما يثير الشحناء والبغضاء الى مشاعر الأخوة والتعاطف، خاصة في عصرنا اليوم الذي طغت فيه الماديات حتى رأينا تحولاً في الأخلاق وجرائم لم نكن نعرفها بين الناس وتلون الأخلاق وتراجع القيم وضعف الأواصر للانشغال بأشياء لن يأخذ منها الإنسان إلا عمله .. نسأله عز وجل أن يجعل أعمالنا صالحة خالصة لوجهة الكريم.
ومن الهجرة نحتاج إلى معانيها ودروسها في الحفاظ على أخلاق الفرد المسلم وتماسك الأسرة والمجتمع، وبلادنا ولله الحمد لها خصوصية في الحديث عن الهجرة وكل الخير الذي انطلق مع نور الإسلام على هذه الارض الطيبة، وهذا ما يجب ألاَّ يغيب أبداً عن حياتنا، فالمسؤولية عظيمة على بلادنا وتؤديها بكل اعتزاز وتفان وتبذل كل ما في طاقاتها وإمكاناتها لخدمة الإسلام والمسلمين والسهر على راحة ضيوف الرحمن ولذلك ينبغي في حياتنا الشخصية والعامة الفردية والاسرية والجماعية ان نستلهم معاني الهجرة النبوية ودروسها بما فيه صلاح ديننا ودنيانا وآخرتنا، بالعمل الصالح والتوبة الخالصة التي فيها صلاح الدارين بالطاعات والاخلاص في كل شيء وفي كل وقتت دون تأجيل او تسويف.
نسأل الله تعالى ان يبارك لنا في عامنا الجديد وأن يغفر لنا ما فرطنا في العام المنصرم، والا يحرمنا من فضله ، بل نسأله تعالى المزيد، إنه أهل ذلك والقادر عليه.
مكة المكرمة
التصنيف: