سلال الغذاء في أملج ( خيف الفَّقِير)
تمر بنا الأيام سريعا وتتغير الاحداث والعادات والتقاليد وتسود المدنية وتبقى الذكريات حكايات وقصص ينقلها جيل لجيل وذلك للحفاظ على عبق الماضي بمافيه من قسوة وطيبة وتعاون وتكاتف وترابط وايثار اجتماعي واقتصادي وثقافي. فهي كذا الحياة تتغير أحداثها وأماكنها بصفة مستمرة. مرت بي الذكريات وأنا أمر في هذه الأماكن وأشاهد الباسقات التي لم يبقى الا جذوعها فيموت الشجر واقف وظل الشجر ما مات فيبقى خير سلف لخير خلف. فقررت أن أكتب عن أماكن سلال الغذاء في المحافظة كيف نشأت واستمرت حتى وصلت الينا فسوف أنقل وأوثق بإيجاز عن كل ما فيها من أحداث وذكريات ..ففي البداية نبدأ وعلى بركة الله عن أقدم سلة غذاء أملج الحوراء قديما المكان المسمى خيف الفّقير من هجر محافظة أملج الشرقية يحده من الشرق كثبان رملية ومكان يسمى شعفت نوفل وأم جريمات والجريمات عباره عن نبات بري يكثر في هذا المكان قديما وحاليا زرعت هذه المنطقة أما من الشمال فيحده مزارع أم غواشي ومزارع ليمونه والزاوية تحده من الغرب ومن الجنوب كثبان رملية وبئر الوحيدي . وسمي الفّقّير بهذا لان الفَقّير يأتي اليه فيشبع من أكل والرطب والتمر فهو أبو الفَقراء وهناك من قال إن سبب التسمية ان الماء يجري على سطح الأرض فيستقر في حفر صغيرة كحفر النخل تسمى فقّرةَ فظهر الاسم. فالفّقّير يقع على طريق الحاج حيث ان هناك بئَّر يسمى العماره كان يمر به الحجاج وينزلون عنده كمحطة استراحة ويستمرون يومين او ثلاثة ولزيادة الحجاج بعد ذلك تم حفر بئير الوحيدي. واذا أرادوا المسير صاح فيهم المنادي منشدا بالصوت ّالعالي مع ضرب الطار حتى يسمعه الجميع قائلا ومرددا ( بكره الضيف ماشي … والعميري مقيله ) والعميري مكان قرب وادي القواق ) وبالتالي الكل يستعد لإكمال رحلة الحج سيرا . أما كيف بدأت زراعة النخيل في الفّقَّير فقد كانت بداية ظهور النخيل في هذه المنطقة من بقايا نوى الحجاج فقد كان الحجاج يأكلون التمر ويرمون النوى ولان الماء أساس الحياة وقريّب من سطح الأرض وفي أماكن يجري على سطح الأرض كنجل ويستقر في حفر مكونا مستنقعات لذلك نبت النخيل من النوى في البداية وبعد ذلك تم غرسه فتكاثر في خيف الفقير لاهتمام الأهالي ومعرفة أهميته الاقتصادية فهو الغذاء الكامل الذي يستمر طوال العام رطبا او تمرا.
ويستفيد الأهالي من فترة سكناهم قرب النخيل فهذه الشجرة المباركة فيها الخير فيعملون من جريد النخل المراوح والزنابيل والمعَّرى والخسف والسفر المعلفة ومن أليافها يعملون الحبال وكذلك يبنون منازلهم البرية من جريد النخل فيما يسمى بالعشش ويسقفون منازلهم بجذوعها .. وهناك الخرافين وهم حراس النخل والمهتمين به. لذلك هناك مثل مشهور يقول ( يجَّيبك الدبل ياسارق نخلنا ) والدبل هو الطريق الضيق الذي يكون بين المزارع وذلك لان الحراس يكونون قريبين من الطريق الدرب التي بين المزارع فيشاهدون الداخل والخارج من بين النخيل فيعرفونه ويذكرونه للسائلين .ومن مناطق الفقير الحفيره والمسبخة ..وفي مكان المسبخة بئًّير ماءه قريب من سطح الأرض يقدمون له البدو بجمالهم وغنمهم ليشربون ويغتسلون ويسقون بهائمهم من أبل واغنام وكانوا منظمين ومنسقين في وردهم للماء حتى لاتختلط بهائمهم مع بعضها فتحدث المشاكل فكان هناك ضبط اجتماعي مبني على احترام وتقدير الناس لبعضهم البعض فالمسبخه منطقة التقاء وتجمع لأ صحاب الابل والاغنام وهي قريبه من خير النخيل . واجتماع الأهالي في هذه الأماكن في فترة الصيف فريد من نوعه فهو اجتماع أجتماعي واقتصادي وثقافي
فكان الأهالي يأتون الي هذه المنطقة صيفا فيأكلون ويقيمون أفراح الزواج غالبا. لذلك تتحسن صحتهم ويزداد وزنهم ويكسوهم اللحم لأنهم يأكلون من الرطب ولحم الافراح حتى أن بعض الاسر لشدة الحاجة تأتي بأولادها الصغار للخدمة والاجر حبيبات رطب وتمر وقطعة لحم حتى ان الناس اذا اكلوا يطفون الانوار والبعض يأكل لقمه ولقمة بضعها بين جسمه ولبسه ليأكلها لاحقا. لذلك قال الشاعر
( ليت صيف النخل يأخذ ثلاثين عام . . والبوارق تلاعج والعرب يزرعون
لاتصيب العًّرب حمى ولاشَّي زكام . .والدفاتر تقطع خالصات الديون ).
وكانت الزواجات قليلة وتستمر لأيام ومن عادات البعض ان يقيم حفلة شعراء الرد والألعاب الشعبية كالخبيتي والزريبي والرفيحي والمقطوف وفي يوم الدخلة يأتي القراء فيباركون والشيخ يملك ثم يتم زف العريس بمايسمى ( الجلالة ) غالبا ..
التصنيف: