مبدأ القول .. المرأة وقيادة السيارة مرة أخرى

Avatar

لا أدري إلى متى تظل لدينا حساسية مفرطة من تطور أن المرأة قد تقود السيارة في بلادنا، فرغم الاتفاق بيننا أن ليس في شريعة الله ما يمنعها من قيادتها، فلا نص شرعي يحرم ذلك، ولا دليل صحيح يقوم عليه اجتهاد يؤدي إلى أن قيادتها لها حرام، ومن الناحية النظامية التي هي في بلادنا لا تخالف أحكام الشريعة فلا نص فيها يحرم على المرأة أن تقود السيارة، فهذا نظام المرور بلوائحه لا نص فيها يمنع ذلك، وإن وجد عرف لا يدعمه نظام ولا يؤيده نص يوحي بأن المرأة لم تقد السيارة في بلادنا لهذا السبب، فهذا لا يعني أبداً أنها إن قادت السيارة تعرضت للعقوبة.
ونظام الحكم في مادته الثامنة والثلاثين ينص على أن العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على نص شرعي أو نص نظامي، ولا عقاب إلا على الأعمال اللاحقة للعمل بالنص النظامي، ونعقد هذا النص النظامي في حال إذا وقعت قيادة السيارة من أي امرأة في بادية أو حاضرة، خاصة هذه الوقائع التي أعلن عنها مؤخراً، كحادثة الفتاة التي قادت سيارة والدها ثم وقع لها حادث توفيت على اثره، وما كان لها أن تكون مثار جدل، يساء من خلاله لها – رحمها الله- أو لأسرتها، وهي لم ترتكب جرماً، تعاقب عليه الشريعة أو النظام، كذلك الفتاة التي قادت سيارتها في حي العزيزية بجدة، وهي تحمل رخصة قيادة من خارج البلاد، والأصل ألا توقف ﻟﻤﺠرد أنها امرأة تقود سيارة ، ما دام لا نص في النظام يمنعها من هذا أو يحرم فعلها، وإذا كان الايقاف لأن العرف بناء على عادات وتقاليد غير مؤيدة شرعاً ولا نظاماً.
فالأصل ألا ينشر عن هذا الايقاف ويسرب خبره للصحافة، حتى لا تتحول القضية إلى جدل عقيم لا فائدة منه، والمثير للدهشة أن يذكر في الخبر أن شرطة المرور قد أحالت القضية إلى هيئة التحقيق والإدعاء، فعلى أي أساس أحيلت القضية إليها وعلى أي أساس قبلتها وليس في الأنظمة ما يمنع المرأة من قيادة السيارة أو يحرم فعلها إن قادتها، أو حتى يجعلها مخالفة، والمثير أكثر للدهشة أن يقال في الخبر أن بعض أعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام طالب بمصادرة السيارة التي كانت تقودها تلك الفتاة، فإذا كانت القيادة ذاتها لا تعتبر مخالفة للنظام، فكيف يمكن تبرير مصادرة السيارة إن وقع.
ألا ترون معي أعزائي القراء أننا نصنع من الحبة قبة، ونبحث تحت الرماد عن جمرة نشعل بها حريقاً، ونحن لسنا في حاجة لمثل هذا البتة، ألم يكن الأحرى بمن لاحظ تلك الفتاة تقود سيارتها أن نعيدها إلى أسرتها ناصحاً ألا تقود السيارة مرة أخرى حتى يصدر نظام يبارك قيادتها وكفى، هل نكف عن مثل هذا فلا خير في جدل لا يؤدي إلى خير هو ما نرجو والله ولي التوفيق.
ص.ب ٣٥٤٨٥ جدة ٢١٤٨٨ فاكس ٦٤٠٧٠٤٧
[ALIGN=LEFT][email protected][/ALIGN]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *