انتشر مقطع فديو في وسائل التواصل الاجتماعي يظهر شخصا يقدم قارورة ماء باردة في يوم لاهب لاحد عمال النظافة ، وكان جالسا في سيارته المكيفة ويحث المارة على الصدقة ويشير الى قارورة الماء ، وكان عامل النظافة يشعر بسعادة لحصوله على قارورة ماء باردة مجانية ، ولكن لسان حاله يقول : شكرا على الماء البارد ، ولكن حاجتي اكثر من الماء .

كان قد مر بي موقف ربما يكون قريبا من هذا الموقف ، عندما اوقفت سيارتي وكان بقربي عامل نظافة عندما رآني سلم علي ، فرديت السلام ومنحته مبلغا بسيطا ، ربما يستطيع به شراء قارورة ماء ومعها سندويتش او ما شابهه ، وكان ينظر الي بعض المارة ، كان بعضهم في سياراتهم والبعض الآخر كان يمشي على قدميه ، بعضهم ينظر بارتياح ، والبعض الآخر كان ينظر الي بغضب حيث وجه الي احدهم بعض اللوم قائلا : ما يخرب هذا وامثاله إلا انت وامثالك ، واضاف : حولتموهم من عمال نظافة الى شحاتين ، تركوا العمل واتجهوا الى الشحاتة ، فقلت له : لست انا ولا امثالي من خربهم وحولهم الى شحاتين ، ولكن من فعل ذلك هو من احضرهم من بلادهم بعقود اشبه بعقود الاذعان ، اذ لم يكن لهم حق الاعتراض على شيء ،

وكانت مكاتب الوساطة والسمسرة ومندوبو الشركات تقدم لهم الوعود المغرية برواتب عالية ومساكن مريحة وطعام لذيذ وبيئة عمل راقية ، وعندما وصلوا الى المملكة اكتشفوا انهم خدعوا ، فالرواتب ضئيلة الى درجة انها لا تكفيهم الى منتصف الشهر ، والمساكن مكتظة بحيث ان كل غرفة بها عدد كبير من العمال ، وبيئة عمل غير صالحة ، فماذا تتوقع من العامل الذي يشعر بالغبن والظلم والاحباط ، غير ان يلجأ الى البحث عن وسائل اخرى ، كالعمل في غسيل السيارات ، او نقل الاشياء من مكان الى مكان ، وطلب الحسنة من المحسنين واصحاب القلوب الرحيمة ،

وأنا اعتقد انهم من احق الناس بالصدقة ، وان من يعرف ظروفهم وما تعرضوا له من خداع وتدليس واستغلال لا يتردد في مد يد العون والمساعدة لهم ، ولو انهم اعطوا حقوقهم كاملة ومن اهم هذه الحقوق رواتب مجزية تتناسب مع العمل الذي يقومون به وفي الظروف الصعبة التي يعملون فيها ، لوجب محاسبتهم وعدم السماح لهم بممارسة التسول ، ومنعهم من القيام باي عمل آخر ، أما في ظل الظلم الذي يتعرضون له والرواتب الهزيلة التي يتقاضونها ، حيث لا يتعدى راتب الواحد منهم في الشهر ثمن وجبة عشاء لشخصين في احد مطاعم جدة الراقية .

لا شك ان الشركات والمقاولين والتجار ، هم المسئولون عن ما يلحق بعمال النظافة من ظلم واجحاف وبالتالي تقع المسئولية عليهم في تردي الخدمات التي يقوم بها هؤلاء العمال ، اذ ليس من العدل تحميل العمال المسئولية عندما لا يعطون كامل حقوقهم ، كما ان جزء من المسئولية تقع على امانات المدن والبلديات ، حيث انهم هم من يطرح المناقصات ويوقع العقود دون ان توضع شروط تنصف العمال الذين يقومون بالعمل الفعلي ، ولو انهم وضعوا الشروط اللازمة لمن سيقوم بتنفيذ تلك العقود وضمنوا لهم رواتب مجزية وبيئة عمل مناسبة ، لما وجدت عامل نظافة يتسول ، او يبحث عن سيارة يقوم بغسلها في مقابل مبلغ بسيط هو في امس الحاجة اليه .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *