ابن حميد .. والتصدي لتسييس الحــج

• مقبول بن فرج الجهني

فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد .. منحه الله علماً وفكراً وحلماً وتواضعاً وحكمة وبلاغة.. وقد استمع الجميع الى خطبته في جمعة ماضية كانت في غاية الوضوح حيث ركز على المعاني السامية للحج. ، والتأكيد على انه ليس ميداناً للعصبيات المذهبية ، فلا دعوة الا لله وحده، ولا شعار الا شعار التوحيد (لبيك اللهم لبيك.. لبيك لاشريك لك) فلا يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يؤذي مسلماً ، او يروع آمناً. فهو في حرم الله ، المحاط بالهيبة والتعظيم الذي لا يسفك فيه دم ، ولا ينفر فيه صيد، ولا يعضد فيه شجر.
وهنا أيضا جاءت إشارة فضيلته واضحة صادقة الى الرعاية والعناية بالمقدسات ، والجهود التي سخرت مادياً وبشرياً والخطط التي رسمت لعمارة الحرمين الشريفين وخدمتهما وخدمة قاصديهما ، وبذل كل السبل من اجل راحتهم وأمنهم ، وتوفير الإمكانات والكفاءات والقدرات على إدارة هذه المناسبة الإسلامية العظيمة ، وهي لا تريد من ذلك جزاءً ولا شكورا. بل ترجو ثواب الله ، ثم أداء مسؤوليتها نحو إخواننا المسلمين في مظهر إسلامي، والتزود من البر والتقوى.
إن المملكة – كما قال فضيلته- لا تمنع أحداً قصد هذا البيت مهما كان موقفه السياسي او توجهه المذهبي ، ومعاذ الله ان تصد أحداً قصد هذا البيت مهما كان موقفه السياسي او توجهه المذهبي.. ومعاذ الله ان تصد أحداً قصد البيت الحرام ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بل هو محل الترحيب والإكرام. ومن الثوابت التي يعلمها الجميع ان المملكة لا تزايد على أداء المسلمين أياً كانت جنسياتهم. ومذاهبهم من كل مسلم يشهد ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله .. فهي مملكة استطاعت عبر تاريخها المجيد وعبر كل المواسم ، ان تتعامل مع كافة الانتماءات الإسلامية ،وهم جميعاً ينعمون برغد العيش وجليل الخدمة وجميل الترحاب، والكل يسهر على راحة ضيوف الرحمن.
انطلاقا من هذه الثوابت فإن المملكة لا تتهاون في موقفها الحازم بشأن المنع الصارم لأية أفكار أو محاولات ماكرة للمساس بأمن الحج وطمأنينة ضيوف الرحمن ، وتحويل موسم العبادة العظيم الى منابر سياسية تتصارع فيها الأفكار والأحزاب والطوائف والمذاهب وأنظمة الحكم ، فمثل ذلك يعني الانحراف عن اهداف الحج وغاياته ، ومن ثم لا تسمح هذه البلاد باستغلال الدين ومواسم العبادة وتجمعات المسلمين في المشاعر المقدسة لأغراض مسيسه، وصرف الأنظار عن معاناة يعيشها من يعيشها ، ومشكلات واقع فيها صاحبها . فالفريضة المقدسة مبعدة ومنزهه عن كل هذه الأغراض، وتسيس المشاعر لن يجلب خيراً لأمتنا ، وأحوال الامة خير شاهد في ظروفها وخلافاتها ، فكيف بخطورة ضلال وخبث تسييس الحج.
إننا نثمن تناول فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد لهذه القضية الدقيقة ، وتأكيده على أن المملكة هي المؤتمنة بفضل الله ، على ضيوف الرحمن وخدمتهم ، ورعاية أمن الناس والمواطن والمقيم والعاكف والباد والحاج والزائر والمعتمر وأمن المقدسات ، ولاتسمح بأي عمل او تصرف يعكر هذه الأجواء الايمانية ، او يضر بالمصالح الخاصة ، او يمس احترام مشاعر المسلمين. لهذا كانت الخطبة غاية في السمو فكراً وهدفاً ، فالدولة – اعزها الله- ممثلة في خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين ورجال الدولة والشعب ، يبذلون كل ما في وسعهم في خدمة الحرمين الشريفين وخدمة قاصديهما حجاجاً وعماراً وزواراً، قربه الى الله،وشعوراً بالمسؤولية ، وإنني ممن عايشت عن قرب هذه الجهود وهذه العناية وهذا الاهتمام والرعاية لراحة ضيوف الرحمن. بحكم عملي سابقاً بوزارة الداخلية. والمكتب الخاص لسمو امير منطقة مكة المكرمة.
حفظ الله قيادتنا برعاية والد الجميع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ، وحفظ الله ضيوف الرحمن ، وأتم عليهم نعمائة بأداء مناسك حجهم في يسر وراحة وأمن واطمئنان.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *