إن العالم يتغير .. لماذا يخربون ..؟!

زين امين

كنت في زيارة لاحدى شركات الخدمات لشراء خدمة محددة ..وفوجئت ان عرضهم السنوي للخدمة قد توقف .. وسألت الموظف عن السبب فقال لي لا اعرف ..؟! وهنا اصبت بإحباط شديد لان أية شركة في الدنيا تقبل يدي العميل ( ورا وقدام) كي يدفع اشتراكا سنويا لخدماتها مقدما ..لانها هي المستفيد الاول من النقدية التي تدخل حساباتهم ..واثناء الحديث مع الموظف – المؤدب واللبق – جال بصري في المحل فوجدت بطاقة علي كل مكتب مكتوب عليها ( رضاكم غايتنا) فتساءلت اي رضا هذا الذي تدعونه .. انتم من يقرر ماذا تفعلون بالعميل ..وما علي العميل الا ان يرضي – صاغرا – عن خدماتكم .. وبحثت في الكرسي الذي اجلس عليه لعلي اجد شقا في جلدته ( خرقا) حتي اقوم بتوسيعه تنفيسا لما اصابني من احباط وحنق لعدم تلبية توقعاتي .. سلوكي هذا ذكرني بايام عملي في قطاع الخدمات في الخطوط السعودية.. حيث وجدنا ان معظم الكراسي التي يجلس عليها موظفي الحجز مخزوقة ..ولما بحثنا ودرسنا الحالة وجدنا ان السبب هو الحنق والغضب الذي ينتاب الموظفين نتيجة تعامل رؤسائهم لطول فترات الساعات التي يجلسون فيها علي الكراسي دون راحة كافية وعادلة لهم ..

وانا اخطو نحو باب الخروج من المحل قفز الي ذهني حجم التخريب الذي اصاب الواجهة البحرية لكورنيش جدة! ! وتساءلت لماذا يخربون ويعبثون بالممتلكات العامة ..؟! ووجدت نفسي منساقا مع بقية المنظرين .. فقلت ..ان هذا سلوك غير حضاري .. وان هذا السلوك مؤشر علي ضعف الانتماء ..وانه بعيد عن الاخلاق الفاضلة وان هذا السلوك ليس من الاسلام في شئ ..وقلت ايضا انه الجهل وعدم الاحساس بالمسؤلية ..وان هذه تصرفات صبيانية عبثية .. ووجهت التهمة ايضا مع المنظرين الي فئة الوافدين ..اما نحن ابناء الوطن براء من هذا السلوك ..؟؟!!

عزيزي القارئ .. انا وانت والكثيرون غيرنا نصبنا انفسنا محللين ومفسرين لهذه الظاهرة ..لقد انتهجنا اسلوب التنظير في الحكم علي تصرفات التخريب والعبث في الممتلكات العامة.. وللاسف لم نتجه الي دراسة الحالة علميا واجتماعيا لمعرفة الاسباب الحقيقية وراء هذا السلوك والتصرفات المسيئة والحاقدة ايا كانت اسبابها اومصدرها الوافد ام المواطن ..

ومن باب الحلول الاستبقاقية العاجلة اري ان يكون هناك تشريعا ونظاما وقانونا وعقابا يطبق فورا كي يردع المخربين ايا كانت اسبابهم او مشاربهم .. وان تعيد الامانة النظر في المواصفات والمقاييس التي تبني عليها المرافق العامة وفق معايير الجودة العالمية المتبعة في دول العالم والتي تتحمل التعامل القاسي بعيدا عن الجماليات المنزلية وان ندخل التكنولوجيا في تنظيف الحمامات والمراحيض العامة وتعقيمها كما هو معمول به في كثير من دول العالم في حمامات الشوارع ..مثل مدينة لندن علي سبيل المثال .. وان تكون هناك متابعة وصيانة فورية ودورية وليس الانتظار والتاجيل والبكاء علي اللبن المسكوب ..

ياسادة .. مانحن فيه يذكرني بما حدث في مدينة لندن ابان وضع اللافتات والملصقات الاعلانية والدعائية علي حوائط متروا الانفاق .. حيث واجهوا نفس المشكلة .. تشويه الاعلانات والجداريات وتخريبها من قبل فئة من الغوغائيين ..سلوكها عبثي لا مسؤول .. الا ان القائمين علي المترو كونوا فريق للصيانة الفورية واعادة الاوضاع الي طبيعتها بشكل فوري وحاسم ..لكن ترافق مع ذلك القانون والنظام والرقابة وملاحقة المخربين والبطش في عقاب العابثين ..

واخيرا ..اسمحوا لي ان استدرك هنا واقول:
– انني لا اوافق علي التنظير في حل مشاكلنا وسلوكياتنا الاجتماعية

– انني لا اوافق علي تمزيق وخزق الكراسي وكل انواع التخريب تصفية للحسابات والانتقام.

– انني لا اوافق علي تغليب الجماليات في الممتلكات العامة علي حساب الجودة العالية والاستعمال القاسي.

بل ادعو الي ان نتغير ..ونخضع امورنا للدراسة والبحث العلمي حتي نصل الي الحقائق والمسببات لاصل المشكلة عن طريق الجامعات ومراكز البحوث وان نقتدي ونطبق المواصفات والممارسات العالمية ولا نسلك طريق اعادة اختراع العجلة.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *