شابة عربية في عمر الزهور ..ضاقت ذرعا بفقر اسرتها والبطالة في بلدها ..فقررت الرحيل الى ايطاليا على احد مراكب المهاجرين الذين يبحثون عن رغد الحياة وعمل يؤمن لها لقمة العيش والحياة الكريمة ..

قابلتها في احد مصانع مقاعد الطائرات في روما وسألتها عن قصتها .. فقالت لي .. قدمت الي هنا (ايطاليا) وانا لا انوي علي شئ .. ولا اعرف احدا .. ولا اعرف كيف سأعيش .. وانا اتسكع في شوارع روما قابلت سيدة وقورة من جنس بلدي ..احتضنتني لعدة ايام .. كنت اذهب معها الى النادي .. وهناك وجدت ضالتي ..حنان الاب .. رجل عجوز .. ترتجف اطرافه .. ويهتز دماغه .. توسم في خيرا .. وحكي لي قصة حياته .. انه رجل اعمال متقاعد .. لديه ثلاثة ابناء ولكنهم جميعا بعيدون عنه .. مشغولون بحياتهم .. ولا يجد من يتحدث اليه طوال يومه .. وكان يذهب الى النادي يوميا في رحلة بحث عن رفيق يتحدث اليه او معه .. انها الغريزة الانسانية للتواصل مع البشر .. ولكن كان الامر صعبا جدا بالنسبة له ..وذرفت عيناه دمعتين .. دمعة على حاله وكبر سنه ودمعة اخرى على عقوق ابنائه وبعدهم عنه ..

وهنا رق قلب الشابة وقررت بينها وبين نفسها ان تذهب يوميا الي النادي كي تخفف عناء الوحدة والعزلة عن هذا العجوز الذي اتخذته ابا لها .. وبعد مرور عدة اسابيع .. عرض عليها ان ترافقه في النادي يوميا مقابل اجر ضئيل يسد احتياجاتها .. ووافقت على الفور ..

وانقضت سنتان ..انتقلت خلالها الي العيش معه في منزله ..تهتم به وترعاه على مكابدة الحياة .. وخلال تلك الفترة تعرفت على شاب ايطالي في سنها وكان ذلك بمباركة من الرجل العجوز الذي اعتبرته أبا لها .. شريطة ان لا تتخلى عنه وترافقه الى النادي يوميا كي تتحدث معه وتسلي وحدته .. ونشأت قصة حب عنيفة بين الشاب والفتاه .. وقررا الزواج .. وبعد سنتين توفي ذلك العجوز واكتشفت الشابة الجميلة انه كان مليونيرا ..وانه ترك لها ثروة كبيرة في وصيته. الا ان ابناءه اخذوا ينازعونها في ميراثها .. وعين لها زوجها محاميا قديرا وكسبت القضية وتعيش الان مع زوجها في سعادة وهناء بعد ان انجبا طفلين اثنين ..

تذكرت هذه القصة ..وانا اقرا خبرا ان سلسلة مقاه انجليزية عريقة ومنتشرة حول العالم في صدد تقديم خدمة جديدة لعملائها الذين يعانون الوحدة والعزلة الاجتماعية في حياتهم .. فقررت تحديد طاولات خاصة بهم ..كي يلتقي حولها كبار السن ويتبادلون اطراف الحديث والتسلية اثناء احتساء اكواب القهوة والشاي.

عزيزي القارئ .. وبصرف النظر عما نطلقه من تعريفات على مفهوم الوحدة والعزلة الاجتماعية .. الذي تفرضه علينا احوالنا واوضاعنا الاجتماعية ..او ما ستفرزه لنا التكنولوجيا الحديثة .. من معاناة الخلوة والوحدة والعزلة .. وخصوصا بالنسبة لكبار السن في مجتمعاتنا والتي بالضرورة ستزداد تعقيدا في عصرنا الحاضر .. حيث ان نسبتهم في تزايد كبير نتيجة جودة الحياة والرعاية الصحية المتقدمة ..

والسؤال الذي يطرح نفسة بقوة هو.. هل تكنولوجيا الاتصالات والانترنت .. ستساهمان في تضييق فجوة الوحدة والعزلة الاجتماعية ام ستزيدها اتساعا ضاريا ومميتا؟ !

انني اري ان الذكاء الاصطناعي والروبوت البشري واجهزة التواصل الصوتية والمرئية المعززة بالواقع الافتراضي .. ستقوم بدور فاعل في العناية وكسر حواجز الوحدة والعزلة عن كبار السن ..

ولكن بالرغم من هذا الراي .. اري ضرورة الاستماع اليكم من خلال مداخلاتكم وارائكم التي ستثري النقاش وتستشرف المستقبل ..

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *