الاستثناء من الجريمة!!
إنها لعنة الانحراف في أخلاقيات السياسة.. حين تغرق في ممارسة شعارات لا تلبث أن تسقط على صخرة الواقع المؤلم وتناقض الخطاب وتوظيف المصالح بقرارات من ضمائر ميتة تقفز من فوق “منصات” عدل وهمية يتسيد فيها الظلم ويطيح بمنابر التسطيح في زمن الوعي.. لتبرز المعادلة بين المصداقية والكذب في المواقف. وصناعة القرار بمقاييس تتعمد الانتقاء ومقاييس الانتماء. والتصنيف!!
هكذا شهد العصر الحديث في محاوره ومناطقه الساخنة والباردة.. واستدعاء تلك المتناقضات من مسارات ذات جذور في ثقافة تسويق الظلم من تحت طاولة أكذوبة العدل!!
نعم انها لعنة الانحراف في أخلاقيات السياسة تبرز بجدارة وحضور لافت في الموقف الأمريكي من انضمام فلسطين إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. وذلك في تأكيد فاضح للانحياز إلى العدوان الإسرائيلي.. وفي تعمد أكثر تصميماً على مناصرة الظلم ضد جرائم الحرب التاريخية بكل مجازرها. وانتهاكاتها لحقوق الإنسان في مشاهد مروعة تجاوزت ذلك الشعار الباهت داخل أروقة البيت الأبيض.. حصل ذلك رغم تبني أمريكا لحقوق تقول إنها مشروعة للقاتل.. والممارس للشذوذ السياسي والجنسي أيضاً. وصولاً إلى دعم الخارجين عن القانون وأخلاقيات المجتمع في مناطق تحكمها مزاجية القرار ومقاييس المصالح والنفوذ.
صراع أمريكا لمصلحة ظلم إسرائيل ليس وليد اليوم.. ولم يكن عند مواجهة قرار انضمام دولة فلسطين إلى الأمم المتحدة ولا محكمة لاهاي. لكنه نضال قديم فرض تكريس الاحتلال وممارسة الجرائم في قتل جماعي مازالت آثاره في ضمير الأمة. قبل وبعد مذبحة صبرا وشاتيلا في العام 1985م وكان لها أن تمر دون عقاب. بل صعدت بارييل شارون من وزير دفاع إلى رئيس وزراء بدم فلسطيني!!
كان ذلك منعطفاً بل وصمة عار في الضمير الإنساني.. بل فتح أبواباً جديدة لمزيد من الجرائم التي دفنت في أكفان ذلك الشعار الباهت في واشنطن والمتناقض بشكل فاضح لم يعد قابلاً للترويج.
تناقض شهدته الكثير من الأحداث ومناطق التوتر الدولية. وكان الأمريكيون قادة جلب مجرمي الحروب إلى محكمة الجنايات الدولية. وذلك من خلال العمل اللوجستي كما حصل في بلجراد وعناصر من صربيا. وليبيا وصولاً إلى قيادات وكوادر عسكرية مازالت على القائمة كما هو الحال في السودان. ليكون الموقف أكثر من أن يتجاوز الصمت حين يتعلق بجرائم حرب إسرائيل ضد الفلسطينيين. بل يصل إلى إعلان رفض المطالبة بالعدل.. والوقوف إلى جانب القاتل مهما كان حجم الجريمة وصورها البشعة ومهما كانت القناعات الدولية بأحقية الاقتصاص على منصة المداولة والحكم. كل ذلك لأن واشنطن حامية الحمى.. تدرك جيداً أن أوراقاً للشراكة قد تخرج للرقابة أو المخابرات العالمية في أروقة لاهاي. كما أن فتح ملفات قديمة لن يعفي المرجعية الإسرائيلية في الدور ومسارات من التاريخ المليء بالكوارث ضد الإنسانية. فهل لأن الشعب الفلسطيني يحمل الهوية العربية أرضاً وإنساناً .. وكيف يمكن تشريع استثناء جنرالات الحرب في إسرائيل من ارتكاب الجريمة؟.
التصنيف: