في بلد قدره مع الزمن أن يتعايش مع الحرب والحب والموت.. وتجارة الدولار، وتفجيرات الدمار للأرض وللإنسان.. بلد اعتاد أن يتعاطى تناقضات سياسية وسط طوابير من الأحزاب والمليشيات المتعددة الاتجاهات على خارطة أرض، تلفُّها التجاذبات.. وشعب يتقاسم البقاء، والمهجر.

لبنان ذلكم البلد الأنيق الذي يجمع كل هذه التناقضات. فهو الذي لا يكاد يتجاوز صرخة الموت، وأنين الجرحى؛ حتى يصحو على عويل كارثة جديدة. كارثة تفرض الحزن في مكان، ويطرب لها مكان آخر على نفس الخارطة.. الأوّل يعتبرها إرهاباً وعدواناً.. والثاني يرى أنها انتصار، وتصفية حسابات. وثالث يتعايش مع المشهد، وكل الظروف والحالات.

وكأن سلسلة الاغتيالات منهج، وفصل جديد من تلك الحلقات. وتبدأ الأسئلة وملفات متعددة لا تلبث أن تضيع وسط تشابه البصمات من أدراج التحقيقات.. وتتبخر كل المعلومات وتبقى منابر الكلام مزدحمة بالتصريحات الملتهبة فوق الأشلاء، وحناجر منتحبة.. ويموت الأحياء دون معرفة الحقيقة الضائعة بين ملفات الأحزاب الداخلية والموالاة الخارجية لإيران من حزب الشيطان.. ليكون تبادل الاتهامات هو سيد الخطاب.. وقد يكون الفاعل في صفوف العزاء.. وسط سياسيين ينتظر بعضهم رؤية أشلاء الآخر “مفخخة” في العراء، بلا رحمة داخل بلد صنعت منه الأحزاب للاحتراب زحمة.

قصة الأمس في لبنان تكتب فصلاً جديداً .. يغيب عنه تحديد المكان وذاكرة الزمان.. بل امتداد لتاريخ أصبح جزءاً من تجربة خطفت من الروايات ناصية الكلام، بعيداً عن غصن زيتون احترق من هجير الشمس .. وشجرة ترتوي عروقها بدماء تنتظر سحابات مطر بارودٍ يهطل على قارعة الطريق . إيماناً بعقيدة الاغتيال؛ كواحد من أركان سياسة أنيقة، تعايش أصحابها مع كل موديلات الموضة، بما فيها آخر صيحات ربطات الأعناق.. وآخر أدوات قطعها.

لبنان الذي تعود أن يسير في زفة الموت، أصبح يؤمن أن الحقيقة سوف تدفن مع ضحية، قد يكون قاتلها أحد حاملي النعش!! وما بين الليرة، والدولار تغيب الشمس!!
وإلى أن تظهر نتائج قضية ضابط الشرطة المقدم سوزان، التي هزت لبنان خلال الفترة الأخيرة .. لا أعتقد أنها سوف تصل إلى أكثر من حكايات ( كان يا ما كان في قديم الزمان) !!.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *