دول الخليج أفشلت الصيد الثمين

اختراق العقل العربي لم يكن من أجل التغيير الى الأفضل بقدر ما كان التراجع الى الأسوأ.. حروب الثورات لم تأت دون حسابات منهجية في مسافات طويلة من فصول لن تنتهي .. حسابات ارتهنت الى التاريخ القديم.. والى التركيبات المعقدة في الانتماءات القبلية والدينية والمذهبية التي كان لابد أن تستدعي تلك التجارب المريرة التي لم تكن تحظى بالزخم واستغلال أدوات العصر الجديد الذي يتيح لها التأجيج وتعدد أدوات الاستخدام وتغذية الاستمرار في أتون المفاصل.
حروب الشرق الجديد لن تكون سهلة وسريعة الحلول بقدر ما يمكن اعتبارها “سيرة وانفتحت” على كل أبواب المستقبل المرير.. وذلك لكونها لم تعد مختزلة في فريق أو سلاح بقدر ما اصبح للحروب فرقاء تكثر اعدادهم في البلد الواحد ولكل طرف خصمه وخطابه.. ولكل منهم عسكري ومقاوم .. وشيخ.. ومفتٍ.. وداعم علني.. وآخر لوجستي صامت.. داعمون من الداخل ومن الخارج ومن مسافات الكوكب يتم رسم خارطة الصراع.
ومن خلال كل هذا وذاك يشتد الهجير .. ويبحث كل فريق عن دولة داخل الدولة. وعن زعيم ومرشد وديكتاتور وفاسد. مواصفات لم يعد للعقل دور في امكانية توافقها وادارة محاورها نحو الأمن والسلام.
القصة هنا يا سادة انها حروب اطاحت بأحلام من كانوا قد كتبوا للربيع موسما مختلفا لأكثر من صورة وردية. فزرع لهم دعاة “التغرير” تغييراً بمواصفات الموت والغرق في الدماء بمختلف أنواع السلاح لتكون كل المواسم في زفة الموت والضياع.
حروب ضائعة لم يعد بالامكان ايقاف تبعاتها وإن تعددت الحلول.. ليكون لثورات الشرق الجديد. تبعات ستظل تستدعي تصفية الحسابات.وترتهن للولاءات والمؤثرات خاصة وقد أصبحت غنائم للمجرمين وتجار السلاح والمحرمات وتحولت مع مرور الوقت الى مشهد حدائق الحيوانات .
حدائق فيها النوع المفترس والقارض والماكر والاليف ولكل من فئاتها مصدر الغذاء ثم لا تلبث أن تأكل بعضها ان لم تجد ما تأكله!!.
هذا المشهد المؤلم ليس بحاجة الى رسم صورته وذلك بالنظر الى وضوح هذه الصورة أمام عالم اليوم. لكن ما استدعاني لقراءة أكبر نكبة تتعرض لها المنطقة هو لقاء قادة الخليج في قمتهم 36 التي اختتمت أعمالها في الرياض نهاية الأسبوع الماضي حيث أثبتت منظومة الدول الأعضاء اهمية المرحلة .وان وحدتها ووعي شعوبها قد جعلتها في منأى عن التجربة الكارثية. وذلك من منطلق الشعور بأن ما حصل من تلك التجربة في دول الصراع العربي كان هدفه الأكبر هو دول وشعوب التعاون في منطقة هامة ذات تأثير ديني واقتصادي وسياسي.. وحجم قناعات أعداء الأمة بانه من دون النيل من هذه المنظومة الخليجية فلن يكون الصيد ثميناً وهو ما افشلته دول المجلس وعززت من تحديات مستقبلها قيادات وشعوباً.

Twitter:@NasserAL_Seheri