ورحل فوزي المتعوب عليه

• ناصر الشهري

[COLOR=blue]ناصر الشهري[/COLOR]

كان شريك المدرسة الإبداعية على مدى سنوات تجربته في صناعة الكلمة.. بدءاً من عبدالله الجفري وانتهاء بنجوى غرباوي مروراً بكل من عبدالله نور وعبدالله الحجي وسميرة لاري وسباعي عثمان وفواز عيد..وغيرهم من الرعيل الأول على امتداد الوطن .. أثروا الكلمة الوجدانية من خلال إبداعات خارج نصوص الشعر. ثم غادروا جميعاً على مراحل، ولكنهم بقوا على هذه الدنيا قصة وقصيدة.
وبالأمس رحل ذلكم الشريك لأولئك المبدعين. وهو الصديق والزميل العزيز الأستاذ فوزي خياط،بعد سنوات من \”الركض\” الذي لا يتوقف خلف تصوير المشهد وبناء الفكرة بروح العاشق الذي لا تنطفئ أمامه شمعة يطوف بها حول خيام يزرع في أطرافها رياحين الحب والأمل في كل محطات الحياة.محطات لم تكن الشكوى غائبة عن فصولها ومعاناة منعطفاتها وآلامها جسداً وروحاً وأملاً وانكساراً.. ورغم كل ذلك كان الخياط فوزي يحيك العبارة بثقة ذلك \”الراكض\” في مشاوير التحديات الصعبة.. ومن شدة أتعابها يكتب تحت عنوان (كلام متعوب عليه !!) في هذه المساحة كل يوم أربعاء.
هكذا صنعت محطات \”العناء\” من المكاوي المتميز صاحب اللازمة الشهيرة \”وحشتنا\” قدرة استمدها من ذائقة التحولات بكل ألوانها. ليؤكد أن الإبداع هو الابن الشرعي لمتاعب الحياة. دون أن يكون الترف في عقيدته الأدبية أكثر من استهلاك وقتي ومحدود للوجاهة الاجتماعية الباهتة !!
مقاله الأخير الذي كتبه قبل ساعات قليلة من وفاته كان فوزي مذهلاً ومؤلماً في النص وأبعاد العبارة. حيث كان يخاطب \”السنة الجديدة\” في صورة معشوقة يداعب اشراقها تارة. ويشكو لها تارة أخرى. ثم يعلن وفاته في السطر الذي وصفه بالأخير من خلال كلمات مؤلمة أبكتني كثيراً حين قال:
\”ولأني أكره الوداع. وأكره الثانية الأخيرة في اللقاء.. ألوح لكم بفجيعة الرحيل !!\”
فوزي أيها الرائع الذي تصادقت مع الحياة والناس والحب والتعب بمشاعر العاشق الأنيق.. فوزي يا من كتبت خبر وفاتك في تلويحة الوداع ورحلت.. لا أملك إلاَّ أن أدعو لك الفوز بالجنة. وستظل في ذاكرة الصمت الأليم.. يا من توقفت عن \”الكلام المتعوب عليه\” وتركت لنا التعب.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *