محمد بن سلمان ومسافات التغيير

• ناصر الشهري

يقول مارك توين: افعل الشيء الصحيح، فإن ذلك يجعل البعض ممتناً، بينما يندهش الباقون “غيرة” من نجاحاتك .. ومن هنا يمكن القول: أن النجاح لا يقاس بالموقع الذي يتبوأه المرء في حياته، بقدر ما يقاس بحسن الأداء، وتجاوز الصعاب لتحقيق طموحات يعمل على رؤيتها في واقع الممارسة، ونتائج يأخذ منها ما كان جيداً ويعيد حسابات، ما كان متعثراً أوغير مناسب، ويعمل من خلال الأخير على صياغة توازنات، قد تكون خارج أدوات التغيير المطلوب.
لقد كانت الأنظار تتجه إلى زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث كان الرجل أكبر بكثير من كل التوقعات. وكل التحديات. وتفوق بشكل أذهل عالم اليوم، على نطاق واسع، وسجل حضوراً باهراً لرجل السياسة المتمكن. وأبدى قدرة عالية من الشفافية في الطرح، ووضوح الرؤية، بكل أبعادها، كما استطاع استحضار مسافات التغيير وملفات من مسافات التناقضات والتحديات. وفرض عمق العلاقات بين الرياض، وواشنطن؛ بما يتفق مع ثوابت، تتجاوز كل المعوقات، لتكون اليوم في أفضل مستوياتها. وهي منجزات ومحطات من الصعب استعراض محاورها في مساحة محدودة.
ومن خلال اللقاءات والفعاليات، التي أجراها سموه، كان من اللافت وجود قيادات عسكرية وسياسية- كان ومازال لها ذلك الامتداد في مسافات المتغيرات داخل وخارج الإدارة الأمريكية- وذات إنجازات لا يمكن إغفالها من “الكابيتول”، حيث يكون الحديث عن عمالقة البيت الأبيض بعيداً عن الجانب الحزبي، الذي قد يحكمه الانتماء أحياناً، لكنه يرتكز على الأمن القومي، ومصالح بلد يتحمل أيضاً مسؤولية أمن وسلام عالم مضطرب ، يواجه متغيرات أطيافه وتفاعلاته من منظومته السياسية. ومن المنبر الدولي، ولا يلبث أن ينفرد بصناعة القرار دون شركاء “الفيتو” إذا لم يبق سوى مهددات الأخطار.
وأعود هنا للإشارة إلى أولئك الذين جاءوا من مسافات التحولات للقاء سمو ولي العهد. فهذا جورج بوش الأب الذي أرسل شريطاً صوتياً للحفل، وذاك ديك تشيني وزير الدفاع في عهد الأول، ثم نائب الرئيس في عهد جورج بوش الابن. وتلك ابنة الجنرال نورمان تشاورسكوف قائد جيوش التحالف في حرب تحرير الكويت، التي جاءت لتلقي كلمة عن والدها المتوفى قبل سنوات. كل هؤلاء كانوا ضمن فريق بوش الأب في العام 1990م، ومعهم في ذلك الوقت كان جيمس بيكر وزير الخارجية، ورئيس الأركان كولن باول. جميعهم كانوا يمثلون واحدة من أهم وأخطر مراحل الاختبار الصعبة، التي واجهت حقبة إدارة الحزب الجمهوري للبيت الأبيض.. كما كانت أمام تحديات صعبة في وجود الاتحاد السوفيتي السابق، قبل أن يصوغ له جورباتشوف بيروسترويكا الإصلاحات، التي ضمنت تحييد الدب الروسي آنذاك، عن حرب بلد يقيم معه علاقات تاريخية وصيانة ترسانته العسكرية، إضافة
إلى خارطة سياسية، تلامس كلا من سوريا وإيران.
كل هذه المسافات ظهرت، وهي تختصر السرد التاريخي لواحدة من أهم مراحل التهديد، ضمن أمن الخليج والدول العربية. فكان لضيف أمريكا الكبير أن يسمع الكثير عن محطات تاريخية في علاقات بلاده مع أكبر دولة في العالم، ذات التأثير البالغ في صناعة القرار الدولي. وكان لحضور بعض أولئك القادة، في حرب تحرير الكويت، في لقاء الشراكة أبعاده، في استعادة ذاكرة الزمن أمام زعيم عربي، يعشق قراءة التاريخ. ومنه يستمد الكثير لتعظيم الاستفادة من الإيجابيات، وتجاوز السلبيات نحو مستقبل، يرى سموه أنه لابد من صناعته برؤية متميزة، ومتمكنة في التطوير الذي يواصل السير نحو مسافات التغيير، بروح عربية مسلمة، أساسها الإيمان وثوابت العقيدة الصحيحة.

Twitter:@NasserALShehry

[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *