متى يمكن الاستغناء عن العمالة الوافدة ؟

• د. علي محمد الغامدي

في تصريح لوزير الاقتصاد والتخطيط محمد التويجري أدلى به لقناة العربية، أثناء مشاركته في منتدى دافوس الاقتصادي، ومما جاء فيه : إن الاستغناء عن العمالة الوافدة هي أولوية بالنسبة لوزارته ، وإن المشاريع سوف تنفذ بقدرات محلية ، كما أن الوزارة تساهم في تنفيذ رحلة التنوع الاقتصادي . وأشار ايضا إلى أن المملكة في السنوات القادمة ستسعى إلى خفض معدل البطالة إلى 7% ،

وختم حديثه بالقول: إن الإرقام متفائلة أكثر مما يصوره صندوق النقد الدولي . سوف أتناول نقطتين وردتا في حديث الوزير؛ الأولى قوله : إن الاستغناء عن العمالة الوافدة هي أولوية بالنسبة لوزارته ، ولست أدري كيف سيتم ذلك ، وهل عملت الوزارة دراسات توصلت من خلالها إلى قناعة بأن البلد لم تعد في حاجة الى العمالة الوافدة ،

وفي أي مجال يمكن الاستغناء عنها ، وليت معاليه يرجع للخطط الخمسية التي صدرت عن وزارة التخطيط ، ليكتشف كم من الأهداف التي رسمت في تلك الخطط تحقق ، وكم كانت نسبة مساهمة الأجانب في تحقيق ما تحقق ، وأنا على يقين أن معاليه سيجد أن الحاجة ما زالت قائمة للعمالة الوافدة خصوصا في بعض القطاعات؛ كقطاع البناء والتشييد وقطاع الصناعة والصيانة والنظافة، وحتى في مجال الحلاقين والطباخين والسباكين ، ناهيك عن قطاع الطب والتمريض والصيدلة ، ولذلك فالحديث عن الاستغناء عن العمالة الوافدة، أظنه سابقا لأوانه ،

وما يجب عمله هو التركيز على تدريب السعوديين وإحلالهم محل الأجانب بالقدر الممكن الذي لا يسبب عجزا في الخدمات التي تقدم للمواطنين ، ولا بد أن معاليه يتذكر ما حدث أثناء تولي المرحوم غازي القصيبي وزارة العمل؛ عندما أصدر أمرا بسعودة سيارات الأجرة، وحدد تاريخا لن يسمح بعده لغير السعوديين بقيادة سيارات الأجرة ، واستمر الوضع لمدة أسبوع؛ حيث ساءت الخدمة وانعدمت في بعض الأوقات ، وارتفع سعر المشوار بين 200 ،ـو 300 % ، مما جعل الوزير يتراجع عن قراره، ويعيد الوضع إلى ما كان عليه .

النقطة الثانية تتعلق بما أورده الوزير في حديثه عن نيته تخفيض نسبة البطالة إلى 7% ، وأظنه ينوي الاستغناء عن الأجانب ليحل محلهم السعوديون ، وهذا شيء جميل نظريا، ولكنه صعب التحقيق في الواقع ، فالملاحظ أنه نتيجة الرسوم التي فرضت على العمالة الوافدة وعلى مرافقيهم ، فقد قررت أعداد كبيرة منهم مغادرة المملكة؛ لعجزهم عن دفع تلك الرسوم ، ولم تنخفض نسبة البطالة بين السعوديين ، بل زادت بسبب استغناء بعض الشركات الخدمية التي تأثرت سلبا من مغادرة العمال الأجانب ، كما أن بعض المدارس الخاصة،

والتي كان يعمل بها سعوديون ، أقفلت أبوابها نتيجة مغادرة طلابها لعجز أولياء أمورهم عن دفع الرسوم التي فرضت عليهم ، وأعتقد أن خفض معدل البطالة لا يتم عن طريق الاستغناء عن العمالة الوافدة ، وإنما يتم عن طريق انشاء مشاريع انتاجية ضخمة، من خلالها يتم خلق وظائف جديدة تستوعب أعدادا كبيرة من السعوديين .
• دبلوماسي سابق
وخبير في شؤون جنوب آسيا

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *