تركيا لم تكن بحاجة إلى الدخول في دوامة حرب أهلية جديدة وسط مشهد الشرق الأوسط المؤلم والمظلم في اتون الكثير من التحديات الصعبة.. ورغم مسلسل الانقلابات العسكرية في التاريخ السياسي لتركيا تحت عناوين متعددة كانت تبرز في سلاح حماية العلمانية طبقاً لشعار الجيش التركي. إلاَّ أن ما تعيشه المنطقة بشكل عام وتركيا بصفة خاصة لا تحتمل أكثر من الأخطار القائمة.. ولا من تداعيات الانعكاسات الدولية ومفاصل قضايا وملفات أكثر سخونة على الخارطة السياسية في منطقة ملتهبة تواجه بعضها مصير الغموض وتقاطعات المصالح الدولية. اضافة إلى مزايدات تستفيد من صراعات المنطقة واللعب على أوراق التضاريس الجغرافية والسياسية. ومنافذ الاقتصاد والسلاح في منظومة واحدة. تحكمها الأبعاد والرؤى المستقبلية لما يمكن أن تكون عليه استراتيجيات الدول ذات التأثير المباشر في صناعة القرار وخاصة ذات العضوية في مجلس الأمن. ومنها ما هو على أطراف تركيا في مد وجزر علاقات يشوبها الغموض وهي روسيا التي تشهد مع تركيا بعض التوترات نتيجة الوضع في سوريا التي منها كانت بداية خلاف البلدين.. ومازالت تستشرف المرحلة القادمة بكثير من الحذر. حتى وإن حصل شيء من التحسن خلال الأسابيع الماضية. وذلك بعد اعتذار الرئيس التركي رجب اردوغان للرئيس الروسي فلاديمير بوتين على اسقاط الطائرة الحربية التي اخترقت المجال الجوي التركي.
وهذا السبب الأخير قد يكون قد استغله الجيش أمام المعارضة للحصول على شيء من الدعم للانقلاب الذي لم يدم طويلاً بقدر ما كان لساعات محدودة. عكست حجم الرفض الشعبي لعملية الانقلاب والعمل على دعم الرئيس اردوغان الذي كانت قد تضاربت الأنباء عن مصيره في الساعات الأولى من اعلان البيان رقم واحد الذي أعلنه العسكر من وسائل إعلام تركية اشاروا فيه إلى الاستيلاء على السلطة.إضافة إلى الأنباء المتضاربة حول اعتقال القيادة.
لكن الذي حصل في آخر ليلة الانقلاب على اردوغان أن الشعب خرج مستيقظاً من نومه ليقف إلى جانب الرئيس ويدافع عن الدستور ويعيده إلى السلطة دون أن يكون هناك معارضة ذات تأثير في الشارع التركي لصالح التغيير.
والسبب في ذلك الدعم هو أن الاتراك يعيشون وضعاً اقتصادياً مقبولاً وسط ديمقراطية عاشوا تجربتها التي وإن لم تكن بالشكل الذي يريدون.. ولكنها لن تكون أفضل في حال الانقسام والصراعات من خلال انقسام محتمل كان سوف يحصل داخل واحد من أقوى الجيوش الإسلامية في الشرق الأوسط.. وأمام ظروف دولية مختلفة من مراحل التاريخ ومحطات التغيير في تجربة البيان رقم واحد الذي يبدو أن الاتراك قد عاشوا مراحله في ظل الحروب الحزبية التي لا يريدون فتح الأبواب لها مجدداً.
هذا بالإضافة إلى أهمية تركيا كواحدة من الدول الفاعلة في المنطقة أمام التحديات في ملفها السياسي والعسكري.

[email protected] — Twitter:@NasserAL_Seheri

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *