ظاهرة(المعاكسة) أرجوزة سلوكية وهوس لاحضاري!

• د.عدنان المهنا

•• أقول مقتبساً : إن الفكر السلوكي النفسي المتواشج يحدث إنسجاماً بهيجاً بين القلب والعقل..!

و يحفل “الشارع الإنساني” وكل ركن يحتضن الجنس الأنثوي بضروب متعددة للسلوك الجريء في معاكسة النساء!!
وتختلف ردود الأفعال، وتتعدد المواقف في هذا الموضوع، الذي أصبح “ظاهرة بشرية”؛ باعتباره “دراما اجتماعية طبيعية”، ولأنه لا يزال يتكرر ضمن المشاهد اليومية الحياتية هنا.. وهناك!
والمعاكسة “أرجوزة سلوكية غير مقبولة” يعرب المجتمع المحافظ عن امتعاضه وتذمره منها.. في لقطات صارخة!!

ولقطات اخرى يكتفي جراءها باجترار “لغة الصمت” الذي يخفي بركانا من التوتر والانفعال!!
•• ويقول “إدريس الزهري”: تعرب الأنفس عن رفضها للسلوك اللا أخلاقي الذي يقتحم مباشرة عالم المرأة؛ حتى وإن جاء على هيئة “التفنن” في نسج الأقوال المحبوكة، وسرد العبارات المدروسة بالهاتف مثلا.. أو بالشارع، حتى وإن أضاف ممارس هذا السلوك بهارات الاكسسوارات مثل “الهندام النظيف” وسواه من فنون الخداع البصري!!

•• والمعاكسة “بالصوت”
عن طريق الهاتف، أو وسائل الاتصال الاجتماعي، أو التراشق اللفظي في الشوارع أو الأسواق أو الأماكن العامة، أو حتى حين فتح شرفات المواقع بالانترنت!!
أسلوب مرفوض؛ سلوكيا وتربويا وحضاريا، وقبل هذا وذاك دينيا.. تنفر منه النساء المحافظات، ويعده العقلاء “بوهيمية وهمجية” ما يضطر البعض ممن أوذين بأقسى العبارات وأشدها إهانة إلى إشهار سلاح الصراخ؛ اتقاء للأذى، وحماية من التحرش اللا أخلاقي، أو الاستعانة بالغير من المارة، ذلك دفاعا عن كرامة النفس وصونا لها!!

وهذا المنظر”يؤجج الغضب” في كل المجتمعات!!!
تصديا لما يعترض سبيل الفتيات من هيجان الشباب المعاكس، الذي لا شك لا يكترث بهذا السلوك..
•• وللمعاكسة مواسم تشتد في فصل الصيف..

وتقل في الشتاء، وتستقر في الربيع!!
لكنها تزداد أيضا حين تجلب بعض الفتيات أنظار الشباب بطرق متعددة مثل..
1 – ارتداء ألبسة مثيرة حرمها الدين وتلفظها التربية والأعراف.

2 – أو تعاطي العطور والأطياب النفاذة، والتي لم يجزها الواقع المحافظ.
3 – أو الإكثار من ممارسة “طريقة المشي” التي يلعب القد والقوام دورين رئيسيين فيها للاستقطاب!!

** والبعض من “الفتيات والشباب” اللامبالين والذين يشرعون في ملاحقة “التسلية وتزجية الوقت” والذين تحتجب التربية الصادقة عن ملامح وجوههم، يخلقون أجواء المعاكسة بلا حياء ولا اكتراث..
وهو ضرب من ضروب المعاكسة الوقحة القائمة على لغة الحيلة وحسن إيقاع كل طرف!! وهذا لا شك سلوك مدمر لذاته غير عابئ بما يدور حوله وهو نتاج لـ:

أولا:
غياب “ولي الأمر” عن المنزل وانشغاله برغباته الخاصة المغمرة التي ينطوي عليها التسيب وبناء الحضور اللا أخلاقي المدغل في اللا مبالاة التربوية المقرونة برغبات “شبابية” غير مسؤولة ربما ولدت “فوضى متوحشة” تنثال على الطرفين من كل جانب!!

ثانيا:
غياب دور المؤسسات التربوية “المدرسة – النادي – والجمعيات الثقافية الاجتماعية” عن إشعال ذاكرة الشباب والشابات بما يردع؛ لما تصطك له الفرائص من سلوكيات ولو عن طريق الندوات والمحاضرات وسواها، والتي لا بد وأن تؤكد عن مثل هذا السلوك “يفور الدم” المرتطم ببياض يحمل دلالات الحياء المستكنة للافتضاض..

•• ولا بد..
من معالجة ظاهرة نهج “إثارة الانتباه” من تلك الأطراف!! وشرح المتغيرات السيئة المترتبة على “المعاكسة”!!

كما لا بد من قمع السلوك الشبابي غير المسؤول، والذي يعمل على إيذاء الفتيات بلغة الحيلة أو التصادمية أو إطلاق الألفاظ البذيئة، أو التحرش الكلامي وسد ركامات الفضاءات التي تثيرها بعض الفتيات باسلوب الردع الصارم!! وحجب البحث في زوايا النظر أو الكلام أو المهاتفة.. أو تبادل الأرقام!!

•• ولأن “المعاكسة” سلوك لا أخلاقي “كيفما كان نوعه ومصدره” فهو في واقعه اعتداء على حرية الآخرين، وهو زحف دائم نحو المجاهل الخفية والغامضة والتي قد لا تحمد عقباها حين التناوي بتجاهل صوت “العفة والطهر والكرامة”، والذي ربما حفر لحظات عقيمة في الذات لا يقرها العرف أو الواقع الديني المحافظ!!

** ومهما تمظهرت “المعاكسة” في الشارع الانساني ومورست وباتت واقعاً يوميا نعته البعض بالسلوك العادي إلا أنها ممارسات سريالية تسعى بكل تبجح إلى تحريك الرؤوس ولملمة الأذهان غير المتعقلة..
وهي بين هذا وذاك هوس لا حضاري.. ننحى باللوم فيه على التربية والوازع الديني والخلق المتجاهل وسط المعاكسات وسيلة ملفوظة وغير مقبولة البتة لتنويع الروتين اليومي!!

•• وربما كانت هذه “المعاكسة”
رؤية دونية موجهة للمرأة من خلال بعض عينات الشباب والشابات، الذين يسيئون لمكانة المرأة وسمعتها وكرامتها.. والمسؤولية هنا مشتركة من الجميع “آباء.. وتربويين.. ومجتمعيين.. وعلماء نفس” للمدافعة عن واقع المجتمع البشري والذي ينبغي ان يصون الفتاة “ظالمة او مظلومة”؛ باعتبار المعاكسة” سلوكا يتيح الرغبة في تقلباتها اللا أخلاقية والعذرية صفة الغياب المغاير.. وغياب الحضور وحضور الغياب..

•• والرغبة ليست اكثر من تدخل مقرون بمعالجة الغياب التربوي اللا أخلاقي والحضور التربوي الاجتماعي على مستوى مسؤولية الراعي بالمجتمع ورعيته بالمنزل.. ثم الرغبة في تلافي “ظاهرة يومية” لها عنوانها الذي يؤطر تساوق ثنائية الشباب والشابة في:

التصرف غير المسؤوول،
حسن الخلق المفقود،
والأنا المريضة،

والآخر والذات،
وحرية الذوات الأخرى المحافظة..!

•• نعم “إن الشارع الانساني”
يحفل في كل ركن بضروب المعاكسة.. لكن هذه “المرجعية السلوكية” كظاهرة لا بد لها من حزم وحسم مفتوحين في إعادة بناء الرؤية المشكلة للسلوك الشاب بعولمته المتنامية، ونموه وحالاته وغرائزه وبارتكاز “النقد المعالج” والرفض القاطع للدراما الاجتماعية، التي تجسر الفجوة بين لغة قلة الحياء.. ولغة الحياء التي تجفل من إتيان القول البذيء.. وتجديد “التربية” لخدمة ثقافتنا البشرية السلوكية السوية!!

•• أخصائي الصحة النفسية والإعلام النفسي
عضو هيئة التدريس بجامعة المؤسس

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *