علي محمد حسون

** لقد عملت \”زبالاً\” أرفع زبالة الآخرين واضعها في مكانها وذلك لمدة اسبوعين، ثم عملت حمالاً في أحد الفنادق وكنت سعيداً بهذا العمل وبالبقشيش الذي يدسه في كفي أحد النزلاء، بل اكاد أكون قد زرت كل مدن الولايات الأمريكية على طريقة \”الاستوب\” أي الوقوف على طرف الطريق حاملاً علي كتفي حقيبتي الصغيرة رافعاً \”ابهامي\” للسيارات القادمة، لقد عملت كل ذلك وأنا أعي ما أقوم به، وكان عمري في ذلك الوقت في حدود ستة عشر عاماً عندما ذهبت إلى أمريكا للدراسة، كنت حريصاً على أن أعمل كل تلك الأعمال لكي أروض نفسي على تقلبات الحياة، لقد فجعت والدتي وأنا أحكي لها ما مر علي من -أهوال – خلال تلك الرحلة الصعبة الجميلة فكانت تستمع إلي في ذهول ثم قالت لي الحمد لله أنني لم أعرف ذلك في وقته لكنت \”موتني\”.
كان يحكي لي هذا كله وهو يشعر بالفخر بما قام به من أعمال جعلته أكثر قوة وتفهماً للحياة إنه استطاع أن يبني نفسه بنفسه حيث عرف كيف يأخذها \”أي نفسه\” مأخذ الجد لا التهاون والاتكال على الأهل وتمضية الوقت على حوافي اللهو والتفسخ كما يفعل كثيرون في مثل سنه، لقد ملأني إعجاباً به وإكباراً له بما فعله وما صنعه لنفسه، إنني لست في حِل من ذكر اسمه لأنني لم أفاتحه في ذلك ولكنني أترك له هذا الأمر إذا ما قرأ هذا الكلام فإن سمح لي بذكر اسمه فعلت إن شاء الله، إنه نموذج للشاب الواعي المدرك للحياة وقيمها.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *