توريث الحروب في ثورات العرب!!

• ناصر الشهري

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]ناصر الشهري[/COLOR][/ALIGN]

عندما تنتقل الثورات من صوت الشارع إلى لغة السلاح فإن ذلك يعني بداية انقسام يتجاوز الحوار.. ويتجه إلى الانتحار.. وتوريث الصراع داخل المجتمع وخارجه.. تتعدد الولاءات ومعها تتنوع معدات أدوات الموت.هذه القواسم المشتركة ليست وليدة المرحلة في مشهد الثورات العربية. لكنها تجارب تاريخية في كثير من دول العالم.بدءاً من دول في افريقيا السوداء إلى شرق آسيا مروراً بالبلقان ثم الشرق الأوسط.وهناك فارق كبير بين الثورات التي تعايشت مع أصوات الحوار ومحاور الاحتجاجات وتلك التي ارتهنت إلى السلاح كحل لفرض التغيير. والأخيرة كانت وما تزال هي الكارثة.
هنا لن أذهب إلى قضية بورما عبر التاريخ وحرب الهوية الدينية. ولا إلى أفغانستان. ولا البوسنة والهرسك. ولا المناطق الافريقية المتعددة في افريقيا السوداء ومنها ساحل العاج وصولاً إلى الصومال في القرن الافريقي.. وهي دول دفعت وما تزال تدفع ثمن ثورات السلاح تحت عناوين وأسباب متعددة. لكنني سأتطرق إلى المرحلة الحالية في التجربة وذلك من خلال مشهد الثورات العربية.
حيث نجد أن امامنا حالتين: في خماسية \”الاستنساخ\” فقد توقف التونسيون والمصريون ثم اليمنيون عند لغة الحوار من خلال حراك الشارع السياسي وإن كان حصل في الجانب اليمني والمصري بعض الحوادث في ممارسة العنف. لكنها لم تصل إلى المرحلة الليبية ولا السورية. لتؤكد حالة الصراع المسلح انه كارثة التغيير.. وتؤكد التجربة في الوقت ذاته حجم الثمن في ثلاث دول من خماسية الثورات وهي تونس ومصر واليمن استطاعت البعد عن الحلول العسكرية. في حين كانت ليبيا وسوريا علامتين فارقتين في هذه التجربة وهو ما رسم خارطة مختلفة عندما توقف جانبه السلبي في النموذج الأولي على السجال السياسي في لغاته المختلفة بطرق سلمية. وبقي التأثير على الجانب الاقتصادي وإعادة البناء لأركان الدولة وان أخذ زمناً طويلاً وواجه الكثير من التحديات الصعبة.وبالمقابل تفرض عملية التغيير المسلح في النموذج الثاني مخاطر تتجاوز مكاسب الثورة.
صحيح ان القيادتين في كل من طرابلس ودمشق قد دفعتا بالشعبين إلى الخيار العسكري. على طريقة \”عليَّ وعلى أعدائي\” لكنها حالة فرضت انقسامات مسلحة أدت إلى توسيع نطاق الصراعات الداخلية في استخدام \”صناعة الموت\” بكل أدواتها من معارضة وموالاة.. اضافة إلى التهجير القسري لتكون النتيجة ليست في سقوط النظام.. ولكن الأسوأ هو خسائر السقوط.. وتوريث الحروب على المدى الطويل لمحاسبة كل طرف للآخر.. وسؤال لا ينتهي بحثاً عن اجابة. من كان مع من؟..هذه الحالة التي تم تجييرها لما بعد السقوط هي السائدة في ليبيا اليوم.. ولن تنتهي بالسهولة غداً !!
وفي سوريا لن تتوقف القضية عند المرحلة الراهنة التي تختلف فيها قوة السلاح بين النظام الذي أصبح مقتنعاً بسياسة الأرض المحروقة ومعارضة لا تمتلك سلاح الجو ولا المعادلة في القوة الأرضية. بل ستنتقل الحرب إلى ما بعد التغيير.وهنا لا بد من الاقتناع بأن ما حصل ويحصل في بلدان الثورات المسلحة. هو تدشين لمرحلة ثانية من الأرض المحروقة لحروب أهلية لا يمكن اسدال ستارها!.إنها الحروب.. حين تبدأ في أية أمة. تنتهي أمامها القيم .. بحثاً عن الانتصار. بعيداً عن تصنيف الاستحقاقات وأخلاقيات البشر.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *