تاتشر أمريكا تحكم البيت الأبيض

• ناصر الشهري

للمرة الثانية تخوض هيلاري كلينتون معركة الانتخابات الرئاسية كمرشحة عن الحزب الديموقراطي.. وذلك وسط مؤشرات تؤكد وصولها إلى البيت الأبيض بعد فوزها في عدد من الولايات. وتراجع منافسها الجمهوري دونالد ترامب الذي أصبح يواجه ضربات مؤلمة في نتائج حملته خلال الأيام القليلة الماضية. وهو ما يعني أن القادم للجمهوريين سيكون الأكثر سوءاً.
أما لماذا وكيف..
هنا يمكن الإشارة إلى عدة أسباب منها: أن المحاولات السابقة لهيلاري كانت أكثر صعوبة أمام منافس من نفس الحزب وهو الرئيس أوباما الذي كان قد تفوق على كل منافسيه نتيجة الرغبة داخل المجتمع الأمريكي بتكريس ما يرونه مبدأ الديموقراطية من خلال ايصال رئيس أسود للبيت الأبيض أكثر من النظرة إلى قدراته. إضافة إلى أصوات السود بكل فئاتهم. هذا بالإضافة إلى خطابه الانتخابي الذي كان يركز على الاقتصاد. وسحب الجيش الأمريكي من العراق. بعد تجربة رئاسة الجمهوريين المتمثلة في بوش الثاني الذي دفع ثمن تهوره عدد كبير من الآباء والأمهات في مشاهد «النعوش» وحالات الإعاقة التي كانت تعود بها طائرات أمريكية إلى مختلف الولايات.
ولكن في هذه المرة يمكن القول: إن الساحة مهيأة تماماً لفوز المرأة الحديدية من عدة منافذ أيضاً: حيث كانت قد سجلت موقفاً باستقالتها من خارجية أوباما بعد أحداث الربيع العربي. واصدرت كتاباً ركزت فيه على أخطاء القيادة الأمريكية تجاه الحالة في الشرق الأوسط. وكذلك قضايا على مستوى الاتحاد الداخلي في صورة تعيد إلى الذاكرة كتاب (البيروسترويكا) الذي اصدره ميخائيل جورباتشوف قبل وصوله إلى رئاسة الاتحاد السوفيتي عام 1988م وهو الاصدار الذي أكد فيه على الاصلاحات في المنظومة الروسية مستشهداً بالكثير من أخطاء القيادة وسياسة الكرملين.
كما أن التجربة الديمقراطية في المنهج الأمريكي على غرار ادخال رجل أسود لإدارة البيت الأبيض للمرة الأولى. سوف تتكرر لدعم اختراق التقليدية وايصال امرأة إلى نفس المكان للمرة الأولى أيضاً. كما أن الحالة العالمية الغارقة في العنف والإرهاب.. ومصادرة حقوق المرأة.. سوف تعزز من اكتساب صوت الناخب الأمريكي مع أغلبية النساء على أن التتويج يمحنها فرص الاستفادة من تجربة زوجها الذي يعود سيداً لا رئيساً لبيت تحاصره الأماكن وذاكرة (مونيكا)!!
أما المكسب الآخر على جانب الحزب الجمهوري المنافس فإن انعكاسات الحروب والتوترات الدولية تلقي بظلالها على سير الانتخابات. وذلك لأسباب منها: الخطاب السياسي في تجربته خلال السنوات الأخيرة ما قبل الديموقراطيين. والذي يصفه الكثير من الامريكيين (بالكاوبوي) والدخول في مغامرات عسكرية غير محسوبة النتائج. تؤدي تلقائياً إلى التأثير على الوضع الاقتصادي. وهو محور هام في حياة الناخب الأمريكي الذي ينحصر صوته لمصلحة من يعمل على تخفيض الضرائب. ورفع مستوى الرعاية الصحية وبوليصة التأمين. ومعالجة البطالة. وغيرها من هموم الأوضاع الداخلية التي تؤدي في النهاية إلى تحسين الدخل القومي. وتحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية.
هذا بالإضافة إلى الأخطاء الجسيمة التي ارتكبها ابرز مرشح للحزب الجمهوري دونالد ترامب ومنها موقفه من المسلمين دون مراعاة لعددهم الذي وصل من الجنسية الأمريكية ما بين 8 – 10 ملايين نسمة طبقاً لإحصائيات مستقلة خلال السنوات الأخيرة. كما أنه لم يراعي علاقات أمريكا مع الدول الإسلامية.. وهو ما يفتح الباب لمزيد من التطرف والإرهاب داخل وخارج ولايات الاتحاد بعد أن وصفته دوائر حقوقية وإعلامية بأنه (هتلر) أمريكا القادم. الذي يريد الصعود على حساب ما اسموه بالمبادئ الأمريكية. حتى أن شركاته كرجل أعمال في عدد من الدول الإسلامية سجلت خسائر فادحة.
وبالتالي أستطيع القول مرة ثانية وعاشرة أن كل هذه المحاور سوف تصب في مصلحة هيلاري (تاتشر أمريكا) القادمة إلى البيت الأبيض.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *