يعرف التطوع بأنه الجهد الذي يبذله الانسان بدون مقابل لخدمة المجتمع والرفع من شأنه وتحسين أوضاع افراده وقد يكون جهدا بدنيا او فكريا او ماديا ، والمجتمعات التي يوجد فيها التطوع هي مجتمعات متحضرة وناضجة والتطوع هو من ارقى الاعمال التي يؤديها الانسان لأنه أي التطوع يقضي على التميز بين المتطوعين ويحقق العدالة بينهم ويشعر الجميع بالتساوي عندما يؤدون عملا لصالح المجتمع وبدون مقابل وقد تختلف دوافع المتطوع فالبعض يتطوع بدافع ديني والبعض بدافع انساني والبعض بدافع اجتماعي وأخلاقي ولا تختلف أهمية التطوع باختلاف مكانة المتطوع لأن الكل يعمل بدون مقابل ، فالطبيب الذي يتطوع بجزء من وقته لعلاج المرضى المحتاجين قد تجده بجانب من يتطوع بتنظيم دخول المرضى على الطبيب ، ومن يتطوع لتوزيع صدقة او القيام تنظيف مسجد او مدرسة ، أو حتى من يساعد عامل النظافة في إزالة الأذى عن الطريق ، وطبعا الكل مأجور من الله ومقدر من المجتمع ، وكل انسان يقدم حسب طاقته وإمكانياته واستعداده النفسي والبدني والمادي .

بعد هذه المقدمة الموجزة نأتي لوضع التطوع في المجتمع السعودي ومدى فعاليته فنجد انه بالرغم من وجود بعض الجمعيات الخيرية التي يدخل نشاطها ونشاط اعضاؤها في مفهوم التطوع ، إلا انها تتلبس بثوب البيروقراطية ويعمد المسئولون عنها الى التعامل مع غيرهم من الاعضاء بطريقة الرئيس والمرؤوس ،

فتفقد روح ثقافة التطوع ، واذكر انني دعيت مرة لسماع محاضرة يلقيها احد المسئولين في جمعية خيرية كبيرة عن انشطة الجمعية ، والدعوة للمشاركة في تلك الانشطة والتي تصب في خدمة المجتمع في احد المجالات الحيوية ، وعندما جاء موعد بدء المحاضرة ، وجدنا رئيس الجمعية يرتقي المنبر وبدون مقدمات يبدأ في الحديث عن الجمعية ، دون ان يذكر اسم المسئول الآخر الذي كان مقررا ان يلقي المحاضرة ، او يبرر تجاهله له ، او يعتذر من الحضور عن التغيير الذي حدث او يقول شيئا ليعرف بنفسه للحضور ، فمن المؤكد ان بعضهم قد لا يعرفه ،

وقد يكون بعض الحضور على معرفة بالمحاضر الذي ورد اسمه في الدعوة للمحاضرة وفوجي بمن اعتلى المنصة بدون مقدمات ، وقد أخذ الحضور يتلفت بعضهم الى بعض يتسألون عن المحاضر الذي جاءوا يستمعون اليه ، مما يدل على ان رئيس تلك الجمعية بعيد عن روح التطوع ، وبعيد عن مفهوم العمل الخيري ، وباحث عن مكانة اجتماعية (بريستيج ) بطريقة فجة وغطرسة ممقوتة ، ومثل هذا يسيء الى مفهوم التطوع ، ويسيء الى روح العمل الخيري ، ومن المؤكد ان جمعية يديرها مثل هذا لن يكتب لها النجاح نظرا لأن اهم عنصر لنجاح العمل الخيري هو التواضع ونسيان الذات ، والقرآن الكريم يؤكد هذا المفهوم في قوله تعالى ( قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبها أذى ) والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : تبسمك في وجه اخيك صدقة .

مع اني من مؤيدي التنظيم والمؤسساتية في كل عمل يراد له النجاح ، ولكني لست مع تحويل العمل التطوعي الى بيروقراطية قد تعطل كثيرا من صفات الشهامة والوفاء لدى المتطوع ، وتفقده روح التضحية وفوائد المبادرة والرغبة في عمل الخير ، ولعل قصة الطالبين السعوديين ذيب مانع اليامي وياسر دهام اليامي الذين ضحيا بحياتهما ، وقضيا غرقا في محاولة لإنقاذ طفلين امريكيين من الغرق في ولاية ماساشوتس الامريكية ، لعل في قصتهما خير دليل على روح التضحية وقوة الشهامة التي كانا يتمتعان بها في سبيل القيام بعمل انساني بطولي كان محل اعجاب وتقدير الشعب الامريكي ، وقد تمثل ذلك في البرقيتين اللتين بعثهما الرئيس الامريكي دونالد ترمب لعائلتي الطالبين البطلين يعرب فيهما عن تعازيه وتعازي الشعب الامريكي في وفاة هذين البطلين .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *