الفاسدون ليسوا أغبياء !!
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]ناصر الشهري[/COLOR][/ALIGN]
في الاسبوع الماضي كان أحد ضيوف منتدى \”المقعد\” في الغرفة التجارية بجدة هو الأستاذ محمد الشريف رئيس هيئة مكافحة الفساد بالمملكة.. حيث بدأ حديثه باستعراض نظام الهيئة الذي تضمن الأهداف والسياسات التي من أجلها تم إنشاء المشروع كمؤسسة رقابية لمواجهة الفساد.طرحت ومعي عدد من الحضور الكثير من الأسئلة.. وقلت لمعاليه: اننا لم نسمع أو نرَ حتى الآن ما يمكن أن يقال عنه منجزاً لعمل الهيئة سوى ضبط أدوية مسروقة في منطقة عسير.. في حين لم نر بعد ضبط من تسببوا في المشاريع الضائعة والمتعثرة.. ومن اعتدوا على الأراضي.. ومن لم يكونوا أمناء على المال العام وانفاقه في المشاريع التي خصصت من أجلها نفقات حكومية عالية.
معالي الرئيس كان دبلوماسياً في اجوبته وهو رجل طيب جداً يتمتع بأخلاق عالية. لكنني توقفت عند بعض ما أشار اليه عندما قال: ان المواطن عليه دور للإبلاغ عن الفساد. كما قال ايضا: ان تقبيل المشاريع من الباطن هو إجراء نظامي!! مشيراً إلى أن أي بلاغ لا بد أن يستند إلى دلائل.وهنا توقفت عن الكلام.. لتبدأ في ذهني بعض الأسئلة ومنها:هل سيكون هناك مسؤول في قطاع عام أو خاص يصل به الغباء إلى درجة ممارسة الفساد أمام مواطن أو تعريف احد من غير شركاء ذلك المسؤول بتفاصيل الصفقة؟ .. ومن أين يحصل المواطن على التفاصيل والأدلة خاصة إذا ما أدركنا أن كل مخرجات وأدوات الفساد تتم بأساليب ملتوية.. و\”متحايلة\” على النظام.. صحيح ان ضمائر الفاسدين تموت.. ولكنهم ليسوا أغبياء!.
هذا جانب أما ما يخص مشروعية التقبيل من الباطن فإن سماحة المفتي قد اعلن عدم جواز ذلك وأكد انه غش للأمة.. فلماذا إذن يبقى الباطن مشروعاً في نظرية هيئة الفساد؟ وإذا كان المطلوب من المواطن إثبات اتهامه لجهة معينة بالفساد مع تطبيق الناحية الشرعية في أدلة الاتهام في الجانب الأول.. فلماذا لا يؤخذ بالفتوى الشرعية في عدم جواز التقبيل من الباطن؟ .ثم إذا كانت مشاريعنا المفقودة ما زالت غائبة فلماذا تبقى عناصرها من الرؤوس والشركاء مفقودة ايضا.. ولماذا لم نر نتيجة معلنة لمحاسبة ومحاكمة الفاسدين والتشهير بهم؟وإذا كان خادم الحرمين قد قال: \”كائن من كان\” فإنه بذلك لم يستثنِ احداً من المحاسبة.. بل اعطى لهيئة مكافحة الفساد صلاحيات مطلقة في ممارسة كل عملها.
أنا لن استمر في التفاصيل عن قضية الفساد التي لا أحد يستطيع الإنكار بأنها في بعض قطاعاتنا العامة ومشاريعنا قد بلغت في هدر النفقات الحكومية ارقاماً خيالية لا تتماشى مع حجم الميزانيات وطموحات الدولة.ولكنني هنا أود أن أقترح على أخي محمد الشريف وفريق عمله في مكافحة الفساد فكرة تتضمن مطالبة كل وزارة بكشف يحدد جميع مشاريعها السنوية وحجم المبالغ المعتمدة لكل مشروع.. ونسخ من عقود الترسية. ومن ثم متابعة سير التنفيذ من خلال كوادر وطنية يتم توظيفها في جميع مناطق المملكة.
وفي نهاية كل عام يتم رفع تقرير إلى ولي الأمر في الديوان الملكي يوضح ما تم إنجازه وما لم يتم إنجازه مقابل الاعتمادات المالية لكل وزارة وبالتالي فتح باب المحاسبة والشفافية من خلال هذا التنظيم الذي سيكون واضحاً أمام صانع القرار.اما إذا بقيت مكافحة الفساد شعاراً فقط دون نتائج معلنة فلا اعتقد اننا بحاجة إلى مثل هذا الشعار الاستهلاكي في تسطيح قضايا الفساد ومصادرة وعي المواطن.
[email protected]
Twitter:@NasserALShehry
التصنيف: