[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]ناصر الشهري[/COLOR][/ALIGN]

ومات أوساريس آخر جنرالات الحرب . وأكبر المجرمين أثناء الاحتلال الفرنسي للجزائر في العام 1830م.
مات المجرم الذي زفه الفرنسيون في الأسبوع الماضي على أنه أحد الأبطال.في حين ترك خلفه اعترافات خطيرة في كتابه الذي عنونه بالتعذيب .. والذي تحدث فيه عن الجرائم التي ارتكبها الجيش الفرنسي ضد الجزائريين.. معترفاً بأنه قتل وحده 24 جزائرياً بعد أن استخدم معهم أصنافاً من العنف.
كانت اعترافات أوساريس الذي مات بعد التسعين عاماً من عمره قد صدرت قبل فترة طويلة من اعتلال صحته عندما كان يسير على قدميه منتصباً في شوارع باريس.. ويحضر المناسبات العسكرية مكرماً على أنه أحد رجالات العسكر الأكثر تميزاً وبطلاً لا يشق له غبار!! وأي بطولة لجنرال اعترف بأنه مجرم حرب؟.. وأي بطولة لرجل قال في كتابه أنه غير نادم على ما فعله في الجزائر معززاً ذلك بقناعته حين أكد في كتابه على أنه لو عاد إلى نفس المشهد فإنه سيقتل نفس العدد «24» مرة أخرى دون أن يحتج ضده أحد!!.
غير أنه من الواضح أن الجنرال العتيق أراد أن يقول : إنه لم يكن المجرم الوحيد في الحرب القذرة وذلك حين تحدث عن مشاهد متعددة من ممارسات رفاقه من قادة الجيش الفرنسي,وذلك في محاولة للهروب من الإدانة الدولية والتأكيد للإدارة في الاليزيه أنه سيضع الجميع في حرج لو تم فتح ملفات التعذيب أثناء احتلال الجزائر في العالم, ولن يكون نصيبه أكثر من جزء لمنظومة أكبر.. وأنه فقط سيكون شاهداً على العصر وشريكاً لن يكترث بالنتائج بعد هذه المسافة من العمر!!
خاصة وقد رحل معظم أولئك الرفقاء عن الحياة ليكون آخرهم بعد فترة من صدور كتابه المؤلم للضمير وللتاريخ وأخلاقيات الحروب.
ومن باريس إلى واشنطن تبقى أسرار الحرب على العراق وتحديداً في مرحلة الاحتلال بعد الغزو في العام 2003م وما صاحبها من أساليب القتل والتعذيب مختزلة في جنرالات الجيوش الأمريكية التي تبادلت الأدوار في مهمة خرجت عن شعار الإنسانية التي انتهكت حقوقها في سجن أبو غريب . وكان ما خفي منها أسوأ من لقطة عابرة ما لبثت أن دفنت في شخصية عسكرية بسيطة لتفريغ حقائق محبوسة داخل إدارة المخابرات الأمريكية .. وهي حاجز لم ولن يستطيع أحد من جنرالات الحرب الذين شاركوا في غزو واحتلال العراق أن يكتبوا أسرارها وحجم الجرائم التي تم ارتكابها.
ومن ثم يمكن التأكيد على أن التاريخ العربي الحديث مازال يبتلع جرائم الآخرين دون مطالبة بحقوقه في محاكمة المجرمين حتى وإن اعترفوا .. ومازال يقبل بالظلم في زمن شعارات حقوق الإنسان الأمريكية والأوروبية . وهو شعار تم شطبه في مذبحة صبرا وشاتيلا التي قادها ارييل شارون في لبنان دون أن يحاسبه أحد. بل أصبح العالم يتعامل معه بعدها كرئيس لوزراء إسرائيل.
كانت هذه نماذج لحالات وشواهد في تاريخ أمة مازال أولئك الآخرون ينظرون لها على أنها دول ومجتمعات قابلة للظلم من الخارج .. وحاضنة له من الداخل كما هو الحال في سوريا أمام قناعة بأن الظلم ينطلق من ثقافة سائدة .وفي منطقة لم يكن فيها المواطن العربي أول المظلومين ولن يكون آخرهم!!

Twitter:@NasserAL_Seheri

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *