إن العالم يتحول … صناعة السعادة

زين امين

حضرت عشرات المؤتمرات، ومئات الدورات التدريبية، ولكن لم أصادف مؤتمرا يختص بأمور السعادة .. لقد فاجأتنا الإمارات قبل أشهر بإعلانها عن تعيين وزيرة للسعادة .. وهللنا وتندرنا على مثل هذا الأمر. واعتبرناه رفاهية غائبة عن أذهاننا نحن الشعوب العربية، وبالذات الدول الخليجية؛ حيث الإمكانات متاحة لصناعة السعادة.

واليوم.. وأنا أتصفح الإنترنت قرأت إعلانا من جامعة ميامي الأمريكية عن عقد مؤتمر قمة للسعادة العالمية والصحة المستدامة .. وبرنامج المؤتمر يتضمن” علوم اليوجا، والاسترخاء، والغذاء الصحي، والتعريف بأجهزة قياس التوتر، والقلق والإحباط ،والاكتئاب وكيفية التغلب عليهم، عن طريق التمارين الجسدية وبرامج ورحلات وأفلام الواقع الافتراضي المعزز، التي تخاطب كلًا من العقل الواعي، والعقل الباطن، وغيرها الكثير.

وبعد تفكير طويل في أمر ومفهوم السعادة، وجدت أننا يجب أن نتحول ونعطي أهمية شديدة للموضوع؛ حيث إنه موضوع بدأ في التحول، كي يصبح صناعة قائمة بذاتها، يمكن أن نتحكم فيها ونتدرب علي مهاراتها ..وبالذات لأن هناك ارتباطا وثيقا بين سيكلوجية الإنسان والتكنولوجيا الحديثة .. وكيفية تأثيرها علي الصحة النفسية، وسعادة الإنسان في جميع الأعمار.

لقد ساعدتنا التكنولوجيا وتطبيقاتها علي تحسين الإنتاجية والحفاظ علي الجودة العالية في السلع والخدمات والاحترافية في أداء الأعمال ..وحسنت وطورت وسائل ووسائط التواصل في الحياة عامة .. إلا أنه وبالرغم من كل تلك المزايا، لقد كان ولا يزال هناك تأثير سلبي طاغ للتكنولوجيا علي حياة البشر، والذي نتج عنه كم هائل من المعلومات وسرعة إيقاع الأحداث، والحياة .. كل ذلك ساهم في مزيد من الضغوط النفسية والقلق والتوتر والإحباطات، وعدم الرضا، وأوجد صحة نفسية منتقصة وسلبية.

ولكن ما المقصود بالسعادة، وما هو مفهومها عند الإنسان؟
جميع الدراسات والأبحاث والاستقصاءات أجمعت علي حقيقة واحدة، وهي أنه لا يوجد تعريف واحد محدد للسعادة عند الإنسان، ولكن الدراسات تراوحت نتائجها بأن السعادة نسبية ترتبط باحتياجات الإنسان من الصحة والروابط العائلية والصداقة والعلاقات الإنسانية الناجحة، والأمن والأمان والقدرة على اتخاذ القرارات والثقة بالنفس وبالآخرين، وأخيرا وليس آخرا .. التيقن بأن هناك من يقف دائما إلى جانبك ويساعدك .

وبعد..دعوني الآن أن أقفز بكم إلى جانب آخر من مفهوم وتطبيقات السعادة والصحة النفسية المستدامة؛ كوظيفة من وظائف الدول والمنشآت. إن هذا المفهوم في رأيي يبدأ بإيجاد ثقافة في الدول والمنظمات لرعاية هذه المفاهيم ونشرها في المجتمع ..وتبدأ من التشريعات المنظمة لذلك في العمل والمدارس والمنشآت والشوارع والأندية ، التي تحافظ علي الرونق والذوق الراقي العام وصحة البيئة والحياة العصرية الذكية، وذلك بتوظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لإدارة شؤون الحياة عامة.

تقول الأبحاث: إن صحة الإنسان النفسية وسعادته؛ يكون من نتائجها تحسن الإنتاجية، وزيادة القدرات الإبداعية عند الموظف والعامل والطالب، وتزيد من مستوى الرضا العام في الحياة ..مما ينعكس على أهداف الحكومات والدول والمنشآت.

لذلك، أرى، وأدعو لتغيير وتحويل مهام ومسؤوليات الهيئة العامة للترفيه إلى وزارة للسعادة والترفيه؛ حيث أرى أن الترفيه جزء لا يتجزأ من متطلبات، أو مسببات السعادة عند الإنسان ..كما أدعو إلى إدخال مفاهيم السعادة والصحة النفسية ضمن برامج التعليم بجميع مراحله. وذلك بما يتفق مع المبادئ والثوابت الدينية والوطنية.
يا صاحب السعادة .. قل لي: كيف أصبحت صاحبها؟ !

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *