أوباما ومفهوم التغيير

• ناصر الشهري

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]ناصر الشهري[/COLOR][/ALIGN]

في خطابه عن ما اسماه الثورات العربية لم يأت الرئيس الأمريكي باراك اوباما بما يمكن ان يكون جديداً في الموقف الأمريكي تجاه منطقة الشرق الأوسط. بقدر ما كان تأكيداً على استراتيجية لم ينقذها خطابه الانتخابي قبل دخوله إلى البيت الأبيض عام 2009م ولا خطابه الاول في جامعة القاهرة بعد الفوز .. خاصة في ما يتعلق بالصراع العربي الاسرائيلي. حيث أكد على مبدأ الأرض مقابل السلام في حدود سنة 1967م وهو ما كان قد شدد عليه الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الأب. بل ذهب الأخير إلى الإعلان للمرة الأولى بأن بناء المستوطنات يشكل عقبة في طريق السلام.. ومع ذلك استمرت اسرائيل في بناء آلاف المستوطنات وتعزيز «العقبة» أمام كل مساع للسلام.
وما يعيدنا إلى تكرار ذلك المشهد هو إعلان حكومة تل أبيب من خلال تصريح نتنياهو الذي رفض الانسحاب إلى حدود 67 وكذلك رفض اقامة دولة فلسطينية. بعد ساعة من خطاب أوباما الأخير مساء الخميس الماضي. ثم اعقب ذلك بالإعلان عن بناء 1620 وحدة سكنية في القدس الشرقية المحتلة وكرر هذا الموقف لدى زيارته إلى واشنطن.
ولعل ما شجع رئيس الحكومة الاسرائيلية هو التأكيد على «صمام» الامان الأمريكي عندما أكد باراك اوباما ان أمن اسرائيل أمر مهم بالنسبة لواشنطن ولا يمكن القبول بالتفريط فيه.
صحيح ان أوباما قد قال كلمة مهمة يمكن اعتبارها المرة الأولى التي يصرح بها رئيس أمريكي رغم أن أكثر من مبعوث للسلام قد ألمح إلى هذا الجانب منذ عهد جورج شولتز وزير الخارجية في عهد رونالد ريغان حيث قال أوباما : انه لا يمكن بناء دولة يهودية على أرض محتلة.
واعتقد هنا انه يجب ان نتوقف عند هذه الكلمة لنسأل : إذا كان الامريكيون مقتنعون بمبدأ وجود الدولة العبرية على أرض محتلة فلماذا يجددون التأكيد والاصرار على دعمها وحمايتها؟ ثم ما هو موقف سيد البيت الأبيض بعد هذا التحدي الصارخ لما قاله بالأمس الأول سواء على صعيد رفض الأرض مقابل السلام. أو على مستوى الاعلان الجديد عن بناء المستوطنات وكلها حزمة من القرارات المهمة والمصيرية في وجه الادارة الأمريكية التي تحاول تغيير سياستها في الشرق الأوسط طبقاً لما قاله أوباما.
ولا أدري على أي أساس سوف نرى تغييراً في ظل هذه المتناقضات.
وبالتالي لن تكون مخاطبة الثورات العربية طعماً أمريكياً للمجتمع العربي على حساب القضية الفلسطينية التي تمثل محور الصراع والمزايدات في المنطقة. بقدر ما ستعيد خلط الأوراق من جديد.. حتى من قبل بعض الدول العربية التي لها علاقات مع اسرائيل.. وهو ما يجب ان تدركه واشنطن جيداً مهما كان حجم الدعم «اللوجستي» للثورات العربية ومهما تعددت «الوان» هذه الثورات!!
ومن ثم فإن التغيير المطلوب الذي يمكن ان تلعبه أمريكيا كدولة عظمى ذات تأثير في مسار الامن والاقتصاد وصناعة القرار السياسي المؤثر في العالم. لابد أن يستهدف هذا التغيير العلاقات مع اسرائيل وذلك من منطلق ان الاخيرة تسببت ومازالت في الإساءة للولايات المتحدة الأمريكية ومصالحها في المنطقة والتأثير على علاقاتها نتيجة عدم الإقرار بالحقوق العربية والانصياع لمطالب السلام التي تحاول أمريكا ان تدعمها ولكنها تواجه رفضاً إسرائيليا «عبيطاً» كما حصل في زيارة بنيامين نتنياهو الأخيرة إلى واشنطن.
وبالتالي فإننا نتوقع ان يكون أمام واشنطن مرحلة مهمة لحسم هذا «التدليل» الإسرائيلي والمفهوم الخاطئ لمبدأ أمنها ووجودها وفق تفسيرات اعتقد انها في طريقها لمواجهة قرار أمريكي يحدد اهمية المرحلة وضرورة ايقاف مسببات المتاعب التي احدثتها إسرائيل لأمريكا على مدى عقود من الزمن.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *