[COLOR=blue]ناصر الشهري[/COLOR]

ونحن في حفل جائزة العلامة الراحل أمين مدني بدعوة كريمة من ابنه البار معالي الاستاذ اياد لحضور المناسبة التاريخية بالمدينة المنورة مساء الأحد الماضي. قلت للصديق محمد رضا نصر الله الذي كنت أجلس بجواره: إن أمين مدني وان كان قد كتب تاريخ الجزيرة العربية.. وأثرى المكتبة التوثيقية. إلا أن الرجل بكل تفاصيل حياته وإرثه الثقافي سيبقى هو قصة وقصيدة.وهو ما اتفق معي فيه الاستاذ محمد رضا.
وحين تحدث معالي الاستاذ اياد عن السيرة الذاتية لوالده الراحل. أشار الى ثلاث حالات كانت هي من مرتكزات اهتمام الأديب أمين مدني وهي الثقافة وزراعة الأرض. وحسن التربية لأبنائه والتأثير على كل من حوله من منطلقات اسلامية وإنسانية.
وهنا نتوقف أمام شخصية مختلفة.. فلاح يحرث الأرض أو \”البلاد\” كما يسمونها في المدينة المنورة .ويحرث العقول. ويغذي الاثنين معاً من ينابيع الماء والفكر على حد سواء.. ثم وزع جداوله على خارطة الجزيرة العربية وصولاً الى الوطن العربي برسائله التوثيقية من خلال اصداراته المتعددة في اسلوب رصين يؤكد أدبه وأخلاقه عندما يضع الكلمة في تناول الطرح ومحاور الكلام.. وهو بذلك يعكس ليس حجم فكره وثقافته فحسب.. ولكنه يكرس الأخلاقيات المهنية وشيم الرجال. وكأنه قد أخذ من نخيله الباسقة تجربة الشموخ وتوزيع ثمرات الخير في قالب انساني وثقافي منفرد بالابداع. وسمو المكانة وروحية المكان.
وإذا كان بعض كتَّاب التاريخ من الرحالة العرب والمستشرقين قد اعتمدوا في توثيقهم على المصالح الذاتية وحجم \”الهبات\” فإن العلامة الكبير أمين مدني لم يكن كذلك بل كان ينطلق من مبدأ الانفاق الذاتي على خدمة التاريخ وثقافة أمة كان يرى أنه لابد ان تعرف مسيرتها أرضاً وإنساناً. فكان هذا الإرث الوافر من العطاء الثقافي إضاءات للأجيال. وتبقى جائزة ذلكم الأمين تحريضاً على اشباع التاريخ في كل جوانبه بعد رحيله. وهي الجائزة التي حرص أبناؤه من بعده على أن تستدعي اهتمام القدرات الاكاديمية والثقافية لخدمة هذه المهمة السامية.
ويبقى أمين الفلاح زارع الأرض.. وزارع الثقافة ورداً حول خيام الجزيرة العربية. جزءاً من التاريخ في سيرته الذاتية وانتاجه الفكري المتميز. وسيظل أمين مدني قصة وطن في ذاكرة الأجيال.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *