هل أسقط بوتين وهم القوة الأمريكية ؟؟
في سباق محموم قادته أمريكا مع الاتحاد الأوروبي نحو انهاء الملف النووي الإيراني كانت وللمرة الأولى قد اعلنت سيدة الاتحاد في ذلك الوقت كاترين اشتون نجاح المفاوضات التي عقدت نهاية العام الماضي مشيدة بالجانب الإيراني في محاور اللقاء.
لتبرز في هذه المرحلة أبعاد السباق بعد أن كانت قد ألقت قضية أوكرانيا ومحاولة انفصال شبه جزيرة القرم بظلالها على العلاقة مع روسيا التي قادت الانفصال الذي نتج عنه ضم القرم إلى الاتحاد الروسي, وذلك رغم كل التهديدات الأمريكية والأوروبية لموسكو “بوتين” الذي ضرب بتلك التهديدات عرض الحائط بل أغرقها في مياه البحر الأسود المجاور لشبه الجزيرة ذات الأهمية الاستراتيجية في التاريخ القديم لإمبراطورية القيصر..
وما كانت تمثله في عهد الاتحاد السوفيتي الذي أطاحت به “بيروسترويكا” ميخائيل جورباتشوف. والتي تبنت واشنطن الدعاية لها والوعود الخائبة لمساعدة روسيا من جهة, ومن الجهة الثانية إيهام الجمهوريات المستقلة التي تخرج من جعبة القوة المنافسة بفتح خزائن الأرض..
واليوم وأمام التطورات الجديدة. وتحديات فلاديمير بوتين لكل الجبهات. فان قادة المحور الأمريكي الأوروبي يدركون جيداً حجم الكارثة القائمة في سوريا ومدى ارتباط إيران بموسكو. وكذلك أهمية ما كانوا يخططون له من فك الحصار الاقتصادي عن طهران من أجل استغلال أموالها المجمدة. واستعادة حجم معدل صادراتها البترولية التي ستعمل بدون شك على هبوط أسعار النفط في الأسواق العالمية.
حيث كانت قد انخفضت بسبب العقوبات ما يقارب الثلاثة ملايين إلى 800 مليون برميل يومياً. على أنها قد ارتفعت طبقاً للأشهر الأخيرة بعد الاتفاق الذي اطلق عليه “اختبار النوايا” إلى مليون برميل وحقققت أرباحاً بعد تأكيد أوباما بأنه يسمح لإيران بالارتفاع التدريجي في حدود 7 مليارات دولار وهو ما أدى إلى رفع مستوى صادرات إيران بعد تلك الفترة من العام الماضي إلى مليون وثلاثمائة برميل يومياً.
إضافة إلى تحقيق ما مقداره 40 مليار دولار من الصادرات غير النفطية. وهنا يكون “مربط الفرس” الذي تريده واشنطن من جانب، ومن الجانب الآخر محاولة تحييد إيران عن الحليف الروسي من خلال ثمن “تليين” الموقف في قضية الملف النووي. وذلك بهدف تسهيل الطريق أمام إجراءات قادمة ضد موسكو في القرم والحد من تأثيرها على القرار الإيراني في سوريا.
غير أن كل هذه الحسابات لم تنجح بالتأكيد. خاصة إذا ما نظرنا إلى المرتكز الرئيسي في حجم الصناعة العسكرية والمدنية بكل تقنياتها التي تعتمد عليها طهران من روسيا. إضافة إلى برامج الخبرة النووية. وتاريخ طويل من العلاقة السياسية التي لا يمكن أن يعمل الإيرانيون على التضحية بها.
لكنهم لم يغفلوا الاستفادة من التنازلات الأمريكية الأوروبية. واقتناص ثغرات هذه التنازلات من خلال وعود واتفاقات لم يكون من الصعب التخلص منها لاحقاً تحت خطوط العرض والطول في أجندة السياسة الإيرانية ومخرجاتها الوقتية والمؤجلة . وقد كانت مراحل الاختبار الحقيقي لقدرة أوباما على مواجهة رجل المخابرات (الثعلب) الذي برز اليوم في أهم حلقات مشهد الشرق الأوسط.
وبالتالي أكدت المرحلة أن إدارة أوباما للصراع بدءاً من سوريا إلى القرم مروراً بإيران هي إدارة فاشلة أمام “الدب الروسي” الجديد الذي استعاد مكانته كقوة دولية ثانية. بل استطاع أن يسحب البساط من تحت الأمريكيين بإضافة دول من الخارطة السياسية لواشنطن. !!.
وبعد أن أعاد قيصر روسيا الأسطول الأمريكي صاغراً من الشواطئ السورية ويسقط وهم القوة الأمريكية. إضافة إلى استقطاب دول عربية تراجعت عن حدة النقد ضد الموقف الروسي المساند لنظام دمشق..
إنها المفارقات الكبيرة في التجربة ما بين أوباما أضعف رئيس لأكبر دولة في العالم.. ورجل المخابرات القوي بوتين الذي قال عن الأول في قمة العشرين “إنه مثل الطالب المشاغب في آخر الفصل الدراسي”!! فهل يمكن القول: إن قيصر روسيا الجديد قد استعاد “الدب” السوفيتي السابق بقوته العالمية الثانية؟.. واليوم وبعد سقوط حلب تكتمل حلقات الهزيمة .
التصنيف: