من كوميديا السباق إلى تراجيديا السياسة

• ناصر الشهري

قصة الأمس واليوم وغداً.. ومحطات في تاريخ الاتحاد الأمريكي ومسيرة ولايات متأرجحة تعكس سياسة أكثر “تأرجحاً” في الأولى تحدد مصير الرئيس وفي الثانية يحدد الرئيس مصير السياسة الخارجية نحو عالم يلعب فيه الدولار والسلاح والصوت في مجلس “أمن المزاج” والمصالح دوراً يلقي بظلاله على الخارطة العالمية طبقاً لمواصفات تفرضها أو تهمشها أو تقذف بها واشنطن إلى ما هو أسوأ!

ولأن حجم القوة والمكانة الاقتصادية هي التي تصنع القرار حسب المسلمات المشار إليها فإنه كان من الطبيعي أن يقف العالم على رجل واحدة وبعين واحدة لمتابعة نتائج الانتخابات الأمريكية التي كانت أشبه بالفيلم المكسيكي الذي يمثل بلداً أشغل ترامب أثناء حملته الانتخابية وهدده ببناء حاجز يعيد إلى الذاكرة سور برلين الذي أشغل الأمريكيين بالنقد نحو ألمانيا وتأثيره على حقوق الإنسان إلى أن تم هدمه.. وهنا لسنا بحاجة إلى استعادة ما جاء في خطابات المرشحين.

ذلك لأن الواقع يقول : إن التجربة تفصل ما بين مفردات ومحاور الخطاب الانتخابي والممارسة بعد الفوز لكنه العالم الذي يؤمن بالانعكاسات وتحديد المصير.. ومن سوف يصنع القرار الذي يكون أكثر عطفاً وحميمية وهل سيكون بابا ترامب بملامح القسوة.. أم ماما هيلاري بابتسامات الحنان؟ لتأتي النتائج بما كان يريده الحزب الجمهوري الذي كان أكثر اكتساحاً في مقاعد الكونجرس بشيوخه ونوابه واسقاط العواطف نحو فرصة صعود امرأة للمرة الأولى إلى البيت الأبيض تنتمي إلى حزب كانت تجربته فاشلة اضعفت الهيبة الأمريكية في عهد كل من بيل كلينتون الزوج وأوباما قبل وبعد بوش الثاني وهذا في نظري أمر هام إذا ما نظرنا إلى أهمية المرحلة التي يشهدها عالم اليوم من تحديات سياسية واقتصادية متعددة.

ورغم كل ما تقدم وما تأخر وما قد يأتي.. وما لا يأتي .. لابد أن نتوقف عند المعادلة في ثقافة الحملات الانتخابية كما أشرت في السابق. وهي اختلاف ذلك الخطاب في كثير من مضامينه بعد الفوز.

صحيح أن ترامب سوف يتمتع بصلاحيات واسعة أكثر من الكثير ممن سبقوه لكونه تجاوز الرقم المطلوب للفوز مدعوماً بالأغلبية في الكونجرس.. غير أن التأثير في دولة مؤسسات بهذا الحجم من فريق البيت الأبيض. وشركاء صناعة القرار ينطلقون من استراتيجية تتدخل في تفاصيلها مخابرات تعود البيت الأبيض أن يمنحها مسارات ومفاتيح هذه الاستراتيجية التي لا تقل أهمية عن المفتاح النووي الذي يمتلكه الرئيس. وبالأمس وقبله شاهدنا وسمعنا كيف بدأ ترامب إعادة قراءة خطابه الانتخابي. وتغيير مواقفه المنبرية إلى ممارسة خطاب المسؤولية.

لذا فإن التجربة تقول: إنه يجب التعامل مع ترامب الرئيس .. وليس ترامب المرشح أثناء سباق تغلبت فيه الشتائم المتبادلة والكوميديا على مشهد المسرح السياسي ليفرض دخوله إلى القصر الرئاسي العتيق ثقافة (هوليوود) البيت الأبيض في صناعة (تراجيديا) السياسة الأمريكية!!

Twitter:@NasserALShehry

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *