لا (وداع) اوباما.. ولا (هلا) هيلاري
تعود العالم أن يعيش مراحل الانتخابات الأمريكية في شكل وفصول الفيلم المكسيكي الذي يعكس الحياة والمعاناة والحب والانكسار في البلد الجار لأمريكا والذي يهدده دونالد ترامب بعزله من خلال بناء سور فاصل في وجه المكسيكيين الذين ما يلبث المرشح الجمهوري ان يقذفهم بالشتائم والعبارات النابية في أكثر من منبر في حملته الانتخابية على مدى الأشهر الماضية. وصولاً إلى الأقليات في الداخل.
ومواقف من الاتجاهات السياسية مليئة بالجهل والتناقض. و”كوميديا” تتخللها “البهلوانية” كانت وماتزال عوامل لا تؤهل في مجملها وصول الحزب الجمهوري إلى البيت الأبيض وذلك للمرة الثالثة من الخسائر المتوالية لصالح الديمقراطيين. وبالتالي فإن النتيجة هنا محسومة بالتأكيد على أن هيلاري كلينتون هي من سوف تعود هذه المرة إلى البيت الأبيض رئيسة لا سيدة للبيت.
وهي المرة الأولى في التاريخ يحصل فيها أن يتبادل رجل وامرأة قيادة بلد في العالم.
لكن ما يهمنا في العالم العربي. ماذا ننتظر من “صاحبة الفخامة” تجاه القضايا الراهنة في المنطقة.. خاصة من قيادة لها تجربتها البرلمانية وحقيبة الخارجية. ومفاتيح الحلول في أروقة الحكم الذي سوف يكون سيد البيت أحد مستشاريه من موقعه كرئيس سابق وزوج ما زال في الخدمة.
وإن لاحت ذاكرة “مونيكا” في زوايا من الألم والانكسار الذي تثاقلت عليه المرأة الحديدية. ووضعت في رأسها قرار التحدي بأنها هي الأولى بالمكتب البيضاوي بدلاً من الرئيس الناعم الذي قالت يومها إنني أنا من أوصلته إلى الحكم.. وكان ذلك صحيحاً إذا ما عدنا إلى ما قامت به اثناء حملة بيل كلينتون في السباق الرئاسي.
هيلاري لديها الكثير من الملفات الخطيرة تجاه الشرق الأوسط كشفت البعض منها بعد استقالتها من إدارة أوباما في نهاية فترة رئاسته الأولى. وهي مقتنعة بأطروحات كوندليزا رايز تجاه ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد.
وإن تحفظت على الحديث عن هذا الجانب في حملتها الانتخابية.. كما أنها أعلنت تأييدها في الأسابيع القليلة الماضية لقرار “جاستا” ورفضت التراجع عن الاتفاق مع إيران في الملف النووي ورفع الحظر. لكنها وان اشارت إلى الحفاظ على الحلفاء التقليديين في المنطقة إلا أنها أيضاً لم تخف شعار التهديد بالتدخل العسكري في صراعات المنطقة.. غير أن الواقع يقول إن منابر الانتخابات شيء والتنفيذ شيء آخر. ذلك لأن ما سمعناه من أوباما كان أكثر حميمية تجاه العرب. ثم تبخر إلى خراب ودمار.
هكذا جاء الآخر في مرحلتين متتاليتين عمد خلالها إلى المراوغة ما بين الخطاب. وما خلف الستار. واثبت في نهاية المطاف بأنه قد حقق الهدف الذي وضعه في ناصية برنامجه السياسي. وهو العمل على ورقة الاقتصاد. وكان في الثلاث سنوات الأخيرة من ولايته الثانية يشكو ارتفاع أسعار النفط. وإنه لابد من التعويض الداخلي من خلال إنتاج النفط الصخري. لكنه فشل في ذلك نتيجة إخفاق البنوك الأمريكية في دعم التكلفة العالية لذلك النوع من صناعة الطاقة. في بلد يحتل المركز المتقدم في الصناعات المتعددة التي تفرض حجم متطلبات الاستهلاك.
ولم يكن أمام أوباما سوى رفع الحظر عن إيران.. وقبل ذلك ترك داعش يسيطر على مصادر نفطية هامة في كل من العراق وجزء من سوريا. وافساح المجال لشركات متعددة لجلب كميات كبرى إلى المخزون الأمريكي الذي أعلن بعده في أوائل العام الماضي بأنه قد حقق للأمريكيين مخزوناً احتياطياً من البترول يكفي لمدة خمس سنوات!! وكان للإعلان تأثيره على بداية العد التنازلي لأسعار أوبك.. وتنشيط مبيعات المنتجين من خارج المنظمة.
ومن خلال ما تقدم.. وما تأخر.. وما سوف يأتي.. فإنه لا يمكن “التبشير” بقيادة أمريكية قادمة تستطيع أن تغير من السياسة الأمريكية التي أصبحت بعد ولادة الربيع العربي على يدها تعتبر أن صراع الشرق الأوسط هو بمثابة “اعتقال” لاقتصادياته. وتدمير لمكتسباته التي تنصب في مجملها في مشروع الاستثمار الذي يدعم الخزانة الأمريكية دون خسائر لا تكلف أكثر من لعبة “الشطرنج” الأسود داخل البيت الأبيض!! وأمام السيناريو والممارسة لن يقول العرب: وداعاً أوباما.. ولا هلا هيلاري.
التصنيف: