بعد الحادي عشر من سبتمبر شهد العالم كيف كانت الانعكاسات السلبية التي واجهت المواطنين العرب في تنقلاتهم واقاماتهم في أمريكا وأوروبا. عانينا كثيراً.. وكانت نظرات “التوجس” تلاحقنا. وكانت اجراءات المطارات تأخذ وقتاً طويلاً. بل كنا نشعر بالألم حين (تتنقل) نظرات القائمين على ختم الجوازات في مطاراتهم بين صور وجوهنا في دفتر الجواز وعلى الطبيعة. لفترة أكثر وقتاً ودقة.. وبعيون حاقدة قبل ختم الدخول!! واليوم وبعد موجة الارهاب في احداث باريس التي مارسها متطرفون باسم الاسلام نهاية الاسبوع الماضي يمكن القول. إن معاناة المواطن العربي مع انعكاسات الحادي عشر من سبتمبر سوف تعود أكثر “ريبة” وتشدداً ..خاصة وأن التهديدات الإرهابية قد شملت دول أوروبية غير فرنسا, ومنها ألمانيا.. وبريطانيا. وهو ما أدى إلى دعوة قادة الاتحاد إلى عقد قمة عاجلة للدول الأعضاء لمناقشة هذه التهديدات, والبحث في استراتيجية تضمن أمن وسلامة أراضيها وشعوبها.. وهذا من حقهم.
غير أن الأسوأ والأكثر ضرراً هو حجم انعكاس الإرهاب على العرب والمسلمين.
فإذا كانت عناصر محدودة من المخطوفة عقولهم فكرياً قد اختارت التطرف الدموي. وإن أوصلهم إلى الهلاك فانهم قد تركوا خلفهم إرثاً مؤلماً للثقافة الإسلامية. ليس من خلال ما حصل في فرنسا.. ولكن من منظور المشهد الكامل في منظومته الارهابية داخل وخارج الوطن العربي. وذلك حين يتم تجيير الممارسة للإسلام كعقيدة وسلوك وحقوق إنسان. ومبادئ تستند إلى مخرجات لا يحكمها التشريع الإسلامي في خطابه الصحيح والمعتدل.. ثم يتم اختزالها عند الآخرين في صورة مخيفة ومغايرة فرضتها ثقافة التطرف والإرهاب.. ويدفع ثمنها الأكبر الإسلام والمسلمين. وليس الضحايا ولا المنفذين فقط.
صحيح أن هناك وسائل غربية اساءت للإسلام ..غير ان الرد يجب أن يكون من خلال تقديم الاحتجاجات من المؤسسات والمرجعيات الدينية والإعلامية في الوطن الإسلامي.. والعمل على حمل ثقافة الحوار إلى الآخرين وتوضيح مسار المفهوم الخاطئ عند القلة من أولئك الذين لا يدركون حقيقة المبادئ في منهج العقيدة الإسلامية السامية بكل ثوابتهاالدينية. بل قد يتم اقناعهم باعتناق الإسلام والاعتذار للمسلمين. غير أن الإرهاب هو الذي يعطي مروداً يكرس ذلك المفهوم الخاطئ المحدود في الممارسة ويفرض حالة أكثر كراهية للإسلام والمسلمين عند الآخرين ويضع المجتمع المسلم امام الكثير من التحديات الصعبة.. ليس في ردود الفعل والمعاناة.. فحسب.. ولكن ايضاً في الدعوة إلى الإسلام!!
ومن خلال التطورات على الساحة الدولية.. وتصاعد اخطار ظاهرة لم تعد تتوقف عند حدود أو أهداف او تصنيفات بشرية ودينية. ولا جنسيات في عالم اليوم..فإن المواجهة يمكن ان ترتكز على حوار الحضارات الذي يأخذ في الاعتبار تصحيح الكثير من المفاهيم. ويعمل على تغيير مسار حرب ثقافات دينية ومذهبية برزت في العصر الحديث كخطاب مليء بالكراهية عند بعض المسلمين لبعضهم الآخر قبل غيرهم. بل أصبحت هذه الحروب العقائدية تدخل حتى في تصفية حساباتهم داخل أماكن أعمالهم. وفي حياتهم العامة والخاصة وسلوكياتهم تجاه البعض.
وبالتالي فإن الأخطار التي تهدد كل المجتمعات هي التحولات العدائية التي فرضتها حالة الجدل السائد والغارق في اتون تاريخ صراع تجاوزته مرحلة الوعي وثقافات العصر ومعطياته الحديثة في جوانبها الإنسانية والأخلاقية. وهو ما يجب أن تتصدى له مبادئ المعتقدات ومناهجها الصحيحة.

[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *