الأرشيف محليات

سماحة المفتي يفتتح ندوات الأمن الفكري الشهري لخطباء منطقة الرياض .. الدعوة إلى اللـه طريق الأنبياء والمرسلين

الرياض.. البلاد

افتتح سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء رئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء مساء الثلاثاء التاسع عشر من شهر شوال الجاري 1431هـ اللقاء الأول لبرنامج ندوات الأمن الفكري الشهرية الموجهة للخطباء في منطقة الرياض والتي تتناول موضوعات معالجات الغلو والأمن الفكري ، وترسيخ الوسطية والاعتدال.
وفي بداية اللقاء ـ الذي نظمه فرع الشؤون الإسلامية بمنطقة الرياض في مقره بالرياض ، واستهل بتلاوة آيات من القرآن الكريم ـ ألقى سماحة المفتي العام للمملكة كلمة استهلها قائلاً : سائلاً الله أن يكون هذا اللقاء مباركاً وفيه الخير والتوفيق والسداد ، وان يجعله لقاء خير وبركه ، لقاء تعاون على البر والتقوى ، لقاء تناصح وتشاور فيما بيننا لقاء نصل من خلاله إلى الغاية التي نرضاها إن شاء الله وهي ما يحققه الخطيب من آداب في خطبته .
ثم قال سماحته : إن الدعوة إلى الله طريق الأنبياء والمرسلين قال تعالى : \"قل هذه سبيل ادعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني\"، كما قال تعالى : \"ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن\", : \"فأصدع بما تؤمر واعرض عن المشركين\" , بعث الله محمداً ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالهدى ودين الحق بشيراً ونذيراً , وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً فبلغ رسالة الله , كان في أول دعوته يسر بها لخصائص بعض الناس , وبعد مضي ثلاث سنوات من البعثة , أمره الله بالصدع بدعوته فكان يغشى القبائل أيام الموسم في أماكنهم ، ويقرأ القرآن عليهم ويدعوهم إلى الله ويأمرهم وينهاهم ويرغبهم ويرهبهم فمن مستجيب سبقت له من الله السعادة , ومن صاد معرض والله حكيم عليم ، إذاً فالدعوة إلى الله خلق كريم وعمل صالح , والسائر عليه سائر على منهج محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأتباعه , واسترسل سماحة المفتي العام للمملكة قائلاً :إن الله ـ جل وعلا ـ شرع لنا صلاة الجمعة ، وجعلها فرضاً كل أسبوع , وشرع لهذه الجمعة خطبة ، فالجمعة يجتمع أهل الحي فيها ، اجتماعاً أوسع من اجتماعهم لأداء الصلوات الخمس ,وهذا اللقاء في هذا اليوم المبارك يوم الجمعة الذي هو من أفضل الأيام ، والذي اختاره الله لأمة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ , وقد أضل عنه من قبلنا من اليهود والنصارى كما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا واوتيناه من بعدهم ) فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه , فاليهود غداً ، والنصارى بعد غد ، فهدانا الله لهذا اليوم , هذا يوم من أفضل الأيام من الله به على امة الإسلام , واختاره لهم فاليهود تحسدنا على هذا اليوم العظيم يحسدونا على هذا الفضل العظيم ، هذا اليوم الذي فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله شيء إلا أعطاه . وواصل سماحته حديثه عن فضل يوم الجمعة ، وأهمية الخطبة قائلاً : هذا اليوم من أفضل الأيام وأعظمها ، شرع لنا الاغتسال والتبكير ، والإتيان واستماع الخطبة , ثم هذا اليوم يوم الجمعة شُرع لنا أن نقدم قبلها خطبة ، هذه الخطبة هي توعية للمجتمع , هي تبصير للأمة هداية لهم , إرشاد لهم , اخذ بأيديهم لما فيه الخير والصلاح والهدى , خطبة جاءت لتنوير البصائر وإيقاظ الهمم ، وإرشاد الناس بعد غفلتهم , وتنبهيهم إلى ماينفعهم في أمر دينهم ودنياهم , ولهذا جُعلت الخطبتان شرطاً لصحة الجمعة فلا جمعة إلا بخطبة , هذه الخطبة لها أهمية في الاستلام , فإذا نظرنا إلى مميزاتها وجدناها خطبة عامة يشترك في الاستماع لها العالم والجاهل يشترك الصغير والكبير والمتعلم ومن هو اقل من ذلك وأكثر , إن كل مهمة ، أو كل علم ترى صاحبه يختص به فئة معينه ،وجماعة معينة طلاب معينين ونحو ذلك , لكن الجمعة اعم من ذلك يلتقي فيها المسلمون على اختلاف طبقاتهم العلمية وثقافاتهم ، ومداركهم يجتمعون ليسمعوا توجيه الخطيب لهم ، وإرشاده لهم , ونصيحته لهم ،هذه الخطبةأُمرنا بالسعي لها قال تعالى :\"يا أيها الذين امنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فأسعوا إلى ذكر الله\" هذه الخطبة كلما تواصلت أثمرت خيراً . وأردف سماحة المفتي العام للمملكة قائلاً : إن الخطيب إذا نظر للعام ، والعام يشتمل على ما يقارب من خمسين خطبة أو أزيد بواحدة ونحو ذلك كان كل خطيب يتولى هذه الخطابة في السنة خمسين مرة , يتحدث عن خمسين موضوعاً من مواضيع الساعة , لا شك أن المجتمع يستنير فكره ، وتتوسع مداركه , ويهتدي إلى الطريق المستقيم , هذه الخطبة العظيمة التي هي دعوة إلى الله ،وسير بالعباد إلى الطريق المستقيم ، هذه الخطبة التي وجب على حاضرها الاستماع والإنصات إليها ، وحرم الكلام أثناءها,هذه الخطبة التي شُرع لها المسجد كما شرع لأداء الفريضة فيكسبها رهبة ومكانة عظيمة ,هذه الخطبة في هذا المكان المبارك يُنصت لها المستمعون عبادة لله ، وطاعة لله يُنصتون لها طاعة لله وعبادة لله , يؤديها الخطيب شعوراً بمسئوليته يؤديها وهو يرى انه يدعو إلى الله ، ويبصر عباد الله , ويأخذ بأيديهم لما فيه صلاح دينهم ودنياهم . وفي هذا السياق ، أشار سماحته إلى دور خطيب الجمعة في معالجة مشكلات المجتمع وقضاياه ، وقال : هذه الخطبة التي يكونها الخطيب كل أسبوع لمشكلة ما من المشاكل ، وحدث ما من الإحداث , يناقشه على ضوء الكتاب والسنة ، داعي للخير ، غير مقنط من رحمة الله ، وغير فاتح أبواب الشر للناس ,وإنما يراعي المصالح العامة للمجتمع , انه يقوم بينهم خطيباً فيقبلون إليه ، ويصغون إلى كلامه فإن يكن ذلك الخطيب خطيباً ذا علم وفقه وبصيرة يختار موضوعا مناسبا ، موضوعا مهذبا ، موضوعا مدعما بالأدلة من كتاب الله ، وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ , موضوع يعالج القضايا الحاضرة والمشاكل الحاضرة , بعيداً عن الإثارة والتشويش ، بعيداً عن البلبلة ، والقيل والقال , بعيداً عن هذا كله إنما هو طبيب يعالج هذا المرض المستعصي بالكتاب والسنة لكي ينفع ويؤثر في خطبته ، انه يقوم داعياً الله ، فلابد أن يكون ذا قدوة صالحة , وعلمه وفعله متطابقان قال تعالى : \"يا أيها الذين امنوا لما تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون\". وأفاد سماحته أن ألفاظ خطبة الجمعة ومعانيها تدل على قوة الخطيب أو ضعفه , فإن يكن ذا علم راسخ ، ووعي سليم , وفكر مستنير , سمعت خطبة تجلوا الباطل وتدعم الحق وتسير بالأمة على الطريق الصحيح السليم الذي أريد لأجلالخطبة ، لأجل منافعها العامة , نبينا صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه ) وفي لفظ ( فأطيلوا الصلاة وقصروا الخطبة)، وإن من البيان لسحرا , مؤكداً سماحته أن الخطيب إذا تصورا موضوعه التصور الصحيح استطاع بتوفيق من الله أن يجعله موضوعا قريب التناول سهل التناول حتى يؤثر في الناس ، يحضره العالم الكبير ،والجاهل وغير ذلك , فلابد أن تكون الألفاظ متناسبة لطبقات المجتمع حتى يخرج المصلون وقد استفادوا خيرا ، وعلموا ماجهلوا . ومضى سماحته يقول :إننا في زمن نواجه إعلاما جائرا ،وتحديات من أعدائنا ضد ديننا ، ضد قيادتنا ، ضد أمننا ، ضد رخائنا ، ضد اجتماعنا ، ضد تآلفنا ، ضد وحدتنا , هناك دعاية ضالة ، وآراء شاطه ، وحملات إعلامية جائرة ، فلابد للخطيب أن يكون واعيا لكل أمر تتحدى به الأمة أن يحذرها من الشرور ، ومن الأفكار المنحرفة ، والآراء الشاطة والعقائد الباطلة ، والدعوات المضللة لكن بضوابط شرعية فليس الخطيب مشهر ،وليس الخطيب شامة، ولكنه ناصح موجه مقتد بنبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي يقول ( مابال أقوام قالوا كذا وكذا مابال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله إنما تكنيه لا تصريح بأن الخطيب لا يليق به ذكر أسماء معينه ولا أشخاص معينين لكن مهمته إيضاح الحق ودحض الباطل فيعالج القضايا علاجاً شرعياً على منهاج الكتاب والسنة. وأردف سماحة المفتي العام للمملكة : ليس الخطيب سباباً ، ليس الخطيب شامتاً ، ليس الخطيب ذا سباب وشتام ، ولا أقوال بذيئة ولا يرغب بان يقول أقوالاً ربما يودي إلى التفاف الغوغاء حوله لكونه كما يقولون شجاعا ، الشجاعة بالخطيب مطلوبة، والصراحة مطلوبة لكن أي شجاعة ، شجاعة الخطيب الحقة هو أن يقول الحق الواضح ويدلل عليه ، أن يكون هدفه إصلاح الأخطاء لا زيادتها ، إصلاح الأخطاء لا انتشارها ، دحض الباطل لا انتشاره فلا يغير منكراً بمنكر وإنما يغير المنكر والأخطاء بالمعروف والحق والصدق . وواصل سماحته يقول : إننا نواجه فكرا إرهابيا عم كثيرا من العالم الإسلامي فلابد أن نعالج هذا الفكر الإرهابي ، لابد أن نعالجه على ضوء الكتاب والسنة في خطبنا بين آن وآخر يكونللخطيب خطبه يوجه فيها المجتمع ، ويحذرهم من المزالق والمهالك ، يحذرهم من التردي بالباطل ،أخذ بأيديهم لما فيه خيرهم وصلاح دينه ودنياهم .وقال : إن خطيب المسجد كونه محافظاً على منبره ، ملازما له لا ينفك عنه إلا لعذر شرعي يقيم مقامه من يؤدي الواجب مثله حتى يسلم هذا لمنبر من أن يتسلقه من لا ينفع ، ومن لا يفيد لأنه أمانه في عتقك ، منبرك أمانة في عنقك ، فلابد أن تحافظ عليه أداء ، ولابد أن تحافظ عليه موضوعاً ومعنى ، ولابد أن تحافظ عليه فلا تنيب ولا يصعده إلا من تعرف ثقتك بدينه وأخلاقه وعلومه وفهمه حتى لا يصعد المنبر من لا خير فيه فيقول زوراً، ويقول باطلاً ، ويقولاً جهلاً فلاتستطيع بعد ذلك إصلاح ما أفسد ولا تدارك ما اخطأ فيه ، إن الواجب أن يحرص المسلم منبره هذا المنبر الذي وفقه الله له وجعله يصعده داعيا إلى الله ، منبهاً ومرشد وناصح يهتدي به من يشاء الله هدايته فلابد من المحافظ عليه ، والعناية به في كل الأحوال لان هذه أمانه ، لا سيما أمانة التوجيه فإذا صعد المنبر من لايحسن الخطابة، لا يحسنها ، أو يستغل وجوده على المنبر لينقل سمومه ، وأفكاره السيئة وتصوراته الخاطئة فمن يتدارك هذا الأمر فالخطيب مسؤول عن منبره مسؤولية جسيمه أمام الله قبل كل شيء، ثم أمام المسئولين في الوزارة .
وفي نهاية كلمته ، جدد سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ التأكيد على أهمية هذا اللقاء ، متمنياً أن يتكرركل عام لان فيه تبادل المنافع والخير ، ووجهات نظر والاستفسار عم أشكل ، وتعاون الجميع على الخير والتقوى قال تعالى: \"تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان\"، سائلاً الله أن يديم على هذه البلاد أمنها واستقرارها ، ودينها قبل كل شي ، وان يوفق قادتها لما فيه الخير والصلاح في امن الدين والدنيا ، وان يوفق هذه الوزارة للقيام بمهمتها الجسيمة ، وواجباتها العظيم إنه على كل شي قدير . وكان فضيلة المدير العام لفرع الوزارة بالرياض الشيخ عبدالله بن مفلح آل حامد قد ألقى كلمة في اللقاء ـ قال فيها : إن الخطباء لهم أهمية كبرى في تحقيق أهداف الوزارة وواجباتها ، وهذه الليلية ، ونحن نجتمع في هذه اللقاء مع سماحة الوالد الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ ، نبدأ سلسلة لقاءات مع علماء هذه البلاد الطيبة تنفيذا لبرنامج شامل وضعته الوزارة يهدف إلى بيان منهج البلاد الوسطى وأهميته الأمن الفكري والقضاء على الغلو والإرهاب . وأشار فضيلته إلى ما قامت عليه هذه البلاد المباركة من دعوة سلفية نقية وولاة جعلوا نصب أعينهم رفع راية التوحيد وتطبيق شرع الله في أرضه ساندهم في ذلك علماء هذه البلاد فأصبحت والله الحمد، دولة توحيد ووحدة ، وقد نعم مواطنو هذه البلاد والمقيمون فيها بنعمة الأمن والأمان وصحة العقيدة ، فلله الحمد والمنة .وقال : إن لدينا ولله الحمد منهجا دعويا وسطيا متبعا سنة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، متلمسا طريق أئمة الإسلام الربانيين ، ولذلك فلسنا بحاجة لدعوات وضعية أو تحزبات فكرية ، فالواقع خير شاهد بأن هذه البلاد كانت ولا زالت مصدر خير لأمة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها بتوفيق الله أولا ، ثم بمنهجها السلفي القويم ، فالواجب على الجميع وخصوصا من يسر الله لهم ارتقاء منابر الجمعة نشر مايفيد الناس في أمور دينهم ودنياهم ويبين لأهل الفضل من ولاة الأمر والعلماء فضلهم ، ويحذر من الدعاة السوء ، وهذا نوع من الشكر لهذا الخير العميم الذي تنعم به بلادنا . وفي هذا المقام عبر الشيخ عبدالله آل حامد عن شكره وتقديره لخطباء الجوامع وجهودهم وحرصهم على الحضور ، وما يقومون به من خلال خطب الجمعة من جهود ، هي محل ثناء وتقدير المسئولين في الوزارة ، وقال : نسأل الله لكم الأجر فيما تطرحونه على منابر الجمع ، لافتاً إلى أن هذا اللقاء تجسيد للاجتماع مع العلماء للإفادة من علمهم وتلمس طريقهم لتحيق السعادة في الدارين ، كما نسأل الله للجميع التوفيق والسداد . الجدير بالذكر أن عقد هذا اللقاء يأتي متزامناً مع سلسلة من اللقاءات وصل عددها إلى عشرين لقاءً عقدت في مدينة الرياض ، والمحافظات المرتبطة بها في هذا اليوم ، والتي تعقد جميعها إنفاذا لتوجيهات معاليوزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ ،في إطار جهود الفرع وبرامجه المتعددة لتوجيه الأئمة والخطباء لزيادة جهودهم في معالجة الغلو ، وتحقيق الأمن الفكري ، والعقدي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *