دولية

دعوات للتظاهر فى 70 مدينة.. الانتفاضة الإيرانية في يومها الرابع.. خامنئي في مرمى الغضب

طهران ــ وكالات

تطورت شعارات الانتفاضة الإيرانية بأسرع مما توقع نظام ولاية الفقيه، وفي رابع أيام الحراك الشعبي غير المسبوق بات المرشد الإيراني علي خامنئي في مرمى الغضب، بعد أن أطلق المتظاهرون في غالبية المدن هتافات إسقاط النظام ومزقوا صوره.

وتتوسع المظاهرات الشعبية العارمة على نحو متسارع، حيث انطلقت الخميس الماضي من مدينة مشهد، شمال شرق البلاد، وسرعان ما امتدت إلى العاصمة طهران والمحافظات الأخرى، بينما تستعد 70 مدينة للخروج بمظاهرات عارمة حسب ما جاء في ملصق انتشر بشكل واسع عبر مواقع التواصل ويحدد زمان ومكان انطلاق المظاهرات في نقاط التجمع المذكورة.

ومن المتوقع أن يرتفع أعداد المحتجين وتخرج المزيد من المناطق من سيطرة النظام، حيث تطورت المظاهرات باتجاه سيطرة المحتجين على مراكز ومقرات ودوائر حكومية وبعض المناطق والأحياء في بعض المدن منذ امس “الأحد”.

اتساع رقعت الاحتجاجات :
وخلال الأيام اللاحقة اتسعت رقعة الاحتجاجات على نحو لافت وتبدلت الشعارات وبعد أن كانت تحمل مطالبات بسحب القوات الإيرانية من الساحات السورية والعراقية، ووقف دعم المليشيات الإرهابية في لبنان واليمن، أصبحت أكثر حدةً وغضبا نحو رموز النظام وعلى رأسهم خامنئي.

وأنزل محتجون إيرانيون، صورة المرشد الإيراني خامنئي في ساحة آزادي (الحرية) في طهران وأقدموا على تمزيقها، قبل أن تطلق قوات القمع الغاز المسيل للدموع؛ في محاولة منها لتفريق المحتجين، في مشهد تكرر في عدد من المدن الإيرانية الأخرى.

وأمام تطور الشعارات أدرك نظام طهران أن لعبة إغراء المحتجين بالوعود لم تعد مجدية بحسب قادة المعارضة؛ فلجأ إلى أدوات القمع الأكثر وحشية باستخدام “شبيحة” في استنساخ للتجربة السورية.

وذكرت تقارير إعلامية نقلا عن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، أنباء عن سقوط 5 قتلى برصاص الأمن خلال الاحتجاجات في مدينة دورود غربي إيران.

وأطلق الأمن الإيراني، الرصاص الحي على المحتجين، في رابع أيام المظاهرات الغاضبة التي اجتاحت معظم مناطق البلاد، وسط محاولات السلطات لقمع انتفاضة الإيرانيين بالعنف.

ونشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي شريط فيديو قالوا إنه يظهر قوات الأمن الإيرانية وهي تطلق الرصاص على المحتجين في مدينة دورود، حيث كانوا يرددون شعارات مناهضة لخامنئي.

ونشر ناشط إيراني تغريدة على موقع “تويتر” قال فيها إن 4 من المتظاهرين لقوا حتفهم برصاص قوات الأمن، وأرفقها بأسماء القتلى، فيما تداول نشطاء آخرون صورا لإيرانيين قالوا إنهم سقطوا خلال المظاهرات وعرض شريط مصور بث على وسائل التواصل الاجتماعي قيام قوات الأمن الإيرانية بإطلاق النار على محتجين اثنين على الأقل في مدينة دورود بغرب إيران.

ويُظهر الشريط المصور على ما يبدو متظاهرين يحملون شخصين في دورود، حيث شوهد محتجون في وقت سابق يرددون شعارات ضد علي خامنئي.

شبيحة إيران:
وقال مراقبون للحراك الشعبي ضد نظام ولاية الفقيه من الداخل الإيراني، إن السلطات لجأت إلى جريمة الدفع بعناصر أمنية في زي مدني لقمع المظاهرات الحاشدة التي خرجت في غالبية المدن الإيرانية، احتجاجا على سوء الأوضاع المعيشية واستشراء الفساد في البلاد.

وأشار المراقبون إلى أن الأجهزة الأمنية استعارت هذه الجريمة من حليف طهران في سوريا بشار الأسد، في إعادة لإنتاج ظاهرة “الشبيحة” الذين سعوا لقمع السوريين، ما أدى لاشتعال حرب أهلية لا تزال مستعرة.

وأوضحت المصادر أن الأجهزة الأمنية المرتبكة والمصدومة من اتساع رقعة المظاهرات خصصت فرقاً عسكرية بلباس مدني، وظيفتها ملاحقة الصحفيين والمصورين واعتقالهم، في محاولة للتعمية على الحجم الحقيقي للاحتجاجات.

وأكدت المصادر أن السلطات الإيرانية قطعت خدمة الإنترنت عن بعض المدن الرئيسية التي تشهد ثورة الغضب، بعد انتشار صور الاحتجاجات ومقاطع مصورة منها على شبكات التواصل الاجتماعي.

وكانت السلطات الإيرانية قد أغلقت أهم محطات شركة مترو الأنفاق التي تنقل حشودا كبيرة من المسافرين من ضواحي المدينة إلى المناطق المركزية من العاصمة طهران، حسب مصادر “بوابة العين”.

وأوضحت المصادر أنه حتى الآن تم إغلاق محطتين بالفعل لأسباب أمنية، وهما محطتا ولي عصر وساحة الثورة في قلب طهران، وسط أنباء عن عزم السلطات وقف حركة المترو في العاصمة.
تهديد :

فيما هدد وزير الداخلية الإيراني عبد الرضا رحماني، المحتجين باستخدام العنف إذا لم يتوقفوا عن التظاهر بعد ليلة جديدة من المظاهرات المناهضة للنظام في البلاد.

وقال رحماني، في تصريحات صحفية: “سنحاسب المتظاهرين على أفعالهم وسنجعلهم يدفعون الثمن”.

الحرس أخطبوط الفساد:
وكانت إيران قد اعلنت في وقت سابق ميزانية عام 2018، والتي يبدأ العمل بها في مارس المقبل، وسط اتهامات محلية بتوفير إيراداتها من قوت الإيرانيين، في المقابل ترفع مخصصات الحرس الثوري إلى 7.6 مليارات دولار، مقارنة بـ 4 مليارات دولار في الموازنة السابقة.

ويتفق الخبراء على أنه كنتيجة لعمليات الخصخصة المعيبة خلال الثلاثة عقود الماضية، تم نقل ملكية مؤسسات حكومية عليا إلى القطاع شبه الحكومي، وبالتالي بدأ هذا القطاع تدريجيًا يصبح أكبر دائرة في اقتصاد البلاد.

أحد هؤلاء اللاعبين في القطاع شبه الحكومي، بشكل أخطبوطي هو شبكة الشركات حول الحرس الثوري الإيراني.

وأوردت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية تقريرًا عن محاولة الرئيس الإيراني حسن روحاني الحد من نفوذ مليشيات الحرس الثوري، حيث إن فساد الحرس يضر بالاقتصاد الذي يزداد وضعه انهيارًا.

بدأ الحرس الثوري الإيراني نشاطًا اقتصاديًا يتجاوز مهامه العسكرية في أعقاب الحرب الإيرانية العراقية عام 1980-1988، وقال القائد السابق للحرس الثوري الإيراني محسن رضائي إن الرئيس حينها أكبر هاشمي رفسنجاني، طلب عام 1989 من الحرس تحويل قدراته لإعادة إعمار البلاد.

ورحبت الأطراف السياسية الأساسية حينها بهذه العملية خلال مرحلة إعادة البناء، وزالت القيود المفروضة على نمو الحرس الثوري في اقتصاد البلاد عندما مهدت الشركات التابعة له طريقها إلى المشروعات الحكومية خلال فترة الرئيس الأسبق محمد خاتمي 1997 – 2005.

وبرر المسؤولون في الحرس الثوري أمر توسيع أنشطتهم الاقتصادية خلال العقدين الماضيين بالادعاء بأنهم سيدخلون المجالات الاقتصادية التي تمثل تحديًا كبيرًا للقطاع الخاص؛ لمساعدة الحكومة وتحسين الأوضاع الاقتصادية.

لكن الإمبراطورية الاقتصادية للحرس الثوري أعاقت اتفاقات الحكومة مع الشركات الأجنبية، وزادت من التحديات التي تواجهها الحكومة، فهناك تقديرات بأن المصالح الاقتصادية للحرس تصل إلى أكثر من 100 مليار دولار.

ومن أكبر شركات الحرس مجموعة “خاتم الأنبياء” التي تتبعها شركات عديدة لكن لا توردها عبر موقعها، وإن أوضحت القطاعات التي تعمل بها، وتتضمن تقريبًا معظم المجالات الاقتصادية من الثروة المعدنية إلى صناعة البتروكيماويات فضلًا عن القطاعين الصحي والزراعي.

وخلال حكم الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد في عام 2009، اشترت شركة “اعتماد مبين” للتنمية التابعة للحرس شركة الاتصالات الحكومية مقابل نحو 8 مليارات دولار.

ولا ينحصر نشاط شركات الحرس الثوري في قطاعي النفط والغاز على شركات مثل: “سيبانير لهندسة النفط والغاز”، لكن أيضًا مجموعة “شهيد رجائي المهنية”، وهي إحدى أكبر شركات التشييد والبناء في إيران.

وأيًا كان ما يفكر به المرء فيما يتعلق بالحرس الثوري، فإنه قد أصبح جزءًا لا يتجزأ من الاقتصاد الإيراني، وما يمكن للحكومة أن تعمل عليه هو جعل الكيانات المنتمية للقطاع شبه الحكومي أكثر خضوعًا للمساءلة وتشكيل مناخ الأعمال بطريقة لا يعوقها عمل القطاع الخاص.

ذعر بين المستثمرين:
هوت البورصة الإيرانية بداية تعاملات امس الأحد بعد عمليات بيع واسعة على الأسهم وسط حالة من الذعر بين المستثمرين عقب احتجاجات واسعة تشهدها المدن الإيرانية على خلفية تدهور الوضع الاقتصادي للبلاد.

وحسب موقع بورصة طهران فإن المؤشر سجل انخفاضا نسبته 1.77% خلال تلك التعاملات ليصل إلى 1722.66 نقطة، كما شهدت الأسهم الكبرى خسائر فادحة.

دعم دولي :
وأعرب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن دعمه الكامل للاحتجاجات، التي تشهدها عدة مدن إيران منذ 4 أيام، مشيرا إلى أن “الأنظمة الظالمة” لن تستمر إلى الأبد، حسب تعبيره.

وكتب ترامب، في تغريدتين نشرهما امس : “كل العالم يفهم أن الشعب الإيراني الطيب يريد التغيير، ما يخشاه قادته بشكل أكبر، فضلا عن القوة العسكرية الضخمة للولايات المتحدة، هو الشعب الإيراني”.

وشدد ترامب، الذي أرفق التغريدتين بمقطعي فيديو يظهران مقتطفات من كلامه في الدورة الـ72 للجمعية العامة للأمم المتحدة تحدث فيها عن إيران، على أن “الأنظمة القمعية لا تستطيع أن تستمر إلى الأبد، وسيحين يوم يواجه فيه الشعب الإيراني ضرورة الاختيار”، وقال: “العالم يراقب”.

الجدير بالذكر أن إدارة الرئيس الأمريكي ترامب توجّه اتهامات متكررة للحكومة الإيرانية بأنها تمثل الداعم الأكبر للإرهاب عالميا، وتزعزع الاستقرار في الشرق الأوسط من خلال التدخل في شؤون الدول.

في هذا السياق، قال مدير الوكالة الدولية للصحافة والدراسات الاستراتيجية في باريس، جمال العوضي، إن النظام الإيراني يعلم تماماً أن الميكروسكوب الدولي والعالم ينظر بدقة إلى ما يحدث بالداخل، من ثم أي قمع أمني ظاهر سيورطه أمام المجتمع الدولي، لذلك كان اللجوء للبدائل الأخرى بإنزال الموالين، أو عناصر أمنية بلباس مدني، لإعطاء انطباع أنه كما أن هناك معارضين فإن هناك مؤيدين، وهنا قاموا بدور الفتك بالمتظاهرين العزل.

وطالب العوضي، في تصريحات المجتمع الدولي، بضرورة التنديد بهذه الآلية المفضوحة، موضحا أن هذه آلية تستخدم من دول تكون على شفى الانهيار، وهي الآلية نفسها التي كان يتبعها الشاة قبل سقوطه في نهاية السبعينيات، عندما كانت تنزل القوات الأمنية الخاصة به، مرتدية اللباس المدني لقمع المتظاهرين.

ولفت مدير الوكالة الدولية للصحافة والدراسات الاستراتيجية إلى أنه عندما يتم الإعلان عن الشعارات التي حملها المتظاهرون بـ”الموت لخامنئي”، فهي تنطلق بهذا الشكل لأول مرة من نوعها، من ثم فنحن أمام ثورة، وسيعمل النظام الإيراني بكل قوته لقمعها، وهو أمام المطرقة الأمريكية التي تنتظر هذا الحراك.

وأشار العوضي إلى أن هذا النظام سيخلق بدائل جديدة للقمع، إلى جانب عمليات التعذيب والاختفاء القسري، لذلك تعمل المعارضة في الخارج على كشف ما يحدث داخل إيران، في ظل توافر عناصر سقوط هذا النظام وفضح ممارساته.

وأوضح أن هذا النظام الذي يمتلك إمكانيات اقتصادية ونفطية ضخمة يعاني شعبه من الجوع، لتوجيه الأموال إلى أذرعه في اليمن وسوريا ولبنان والعراق، ولكن لا بد أن يتحرك المجتمع الدولي، في ظل قلق من الخلاف الأوروبي الأمريكي حول التعامل مع المتظاهرين.

حملة علمية :
وأقر اجتماع موسع لممثلي المنظمات والشخصيات الحقوقية الدولية بشأن الأحداث المتسارعة في جغرافية إيران السياسية تدشين “الحملة العالمية لمناصرة ثورة الشعوب غير الفارسية” داخل إيران.

وجاء الاجتماع، في العاصمة البريطانية لندن بشأن الأحداث المتسارعة في جغرافية إيران السياسية، حيث تابع العالم المظاهرات والاحتجاجات الشعبية بالمدن الكبرى ما تعرف بجغرافية إيران السياسة خلال اليومين الماضيين رغم البطش والقمع المستمر للنشطاء السياسيين من قبل سلطات الاحتلال الفارسي الغاشم، إلا أن الثورة لم تخمد.

وزاد الحراك الجماهيري المناهض لحكومة الاحتلال الفارسي من قبل الشعوب غير الفارسية، في عدد من المدن منها مشهد ونيسابور ويزد وغيرها.

وقد دعت القوى الثورية للشعوب غير الفارسية جماهيرها في الاستمرار في تصعيد المظاهرات والاحتجاجات المنتظمة في كل المدن.

كما دعت شبابهم بالداخل إلى الانضمام الفوري للفصائل الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني وتنظيم أنفسهم والحضور في المظاهرات التي تقام في المدن للشعوب غير الفارسية بالزي التقليدي.

وحثت القوى الثورية المتظاهرين على رفع اللافتات الوطنية التي تدل على مطالب الشعوب غير الفارسية في التحرر والخلاص من الاحتلال الفارسي، حتى إسقاط النظام الإرهابي القمعي الحاكم على رقاب الشعوب غير الفارسية، واستبداله بنظام ديمقراطي تعددي يضمن للمواطن الفارسي حقوق المواطنة.

وشددت على أهمية حصول الشعوب المحتلة على حقوقها الوطنية والإنسانية وحقها في تقرير الم صير في جغرافية إيران السياسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *