الأرشيف اليوم الوطني

خوجة : رمز خالد . . ومسيرة حضارية

أكد الدكتور توفيق بن أحمد خوجة المدير العام للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون أن اليوم الوطني رمز من الرموز التي يجب أن تبقى خالدة في ذاكرة الوطن لما يمثله من نقلة نوعية وحضارية لابن هذه الجزيرة العربية وبتقليب صفحات التاريخ وهي ليست بعيدة نجد أن هذا الكيان قبل التوحيد في دولة واحدة كان عبارة عن مجموعة من القبائل المتناحرة التي تفتقر إلى الروابط الادارية كما أن المرء كان لا يشعر بالأمن لعدم وجود أنظمة تحكم العلاقة بين المجتمعات المتنافرة ولكن عندما قيض الله سبحانه وتعالى لهذه البلاد رجلاً من قلب هذه الجزيرة هو الملك عبدالعزيز آل سعود يرحمه الله الذي أدرك بفطنته وفراسته وذكائه حاجة هذه البلاد للتوحيد وحجم المسؤولية الكبيرة للقيام بهذا العمل وهو عمل بطولي تصدى لتحقيقه بقوة الايمان بالله سبحانه وتعالى ثم بالارادة والعزم على تحقيق البناء الذي نفخر به جميعاً وضع لبنته الأولى حتى اكتمل رغم الإمكانيات البسيطة في ذلك الوقت .
إن يومنا الوطني لبلادنا الطاهرة تاريخ بأكمله إذ يجسد مسيرة جهادية طويلة خاضها البطل الموحد المغفور له الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه ومعه أبطال مجاهدون هم الآباء والأجداد رحمهم الله جميعاً في سبيل ترسيخ أركان هذا الكيان وتوحيده ..
تحت راية واحدة \" راية التوحيد \".
ومثلما كان اليوم الوطني تتويجاً لمسيرة الجهاد من أجل الوحدة والتوحيد فقد كان انطلاقة لمسيرة جهاد آخر .. جهاد النمو والبناء للدولة الحديثة .
اليوم الوطني مناسبة عزيزة تتكرر كل عام نتابع فيه مسيرة النهضة العملاقة التي عرفها الوطن ويعيشها في كافة المجالات وهذه النهضة الفريدة من نوعها التي وثبت بالمملكة في نقلة حضارية وفي زمن قياسي وضعتها في مصاف الدول المتقدمة .
فيومنا الوطني يتيح لنا أن نستعرض بكل فخر واعتزاز حرص الدولة على حماية العقيدة الاسلامية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الى جانب حرص خادم الحرمين الشريفين على اعمار الحرمين الشريفين وتوسعتهما وأنفقت في سبيل ذلك عشرات البلايين من الريالات لتوفر الرعاية والأمان لحجاج بيت الله الحرام وراغبي العمرة والزيارة، كما حرصت الدولة على توثيق أواصر الأسرة والحفاظ على قيمها العربية والاسلامية ورعاية جميع افرادها واعتصام افراد المجتمع السعودي بحبل الله تعالى وتعاونهم على البر والتقوى والتكافل فيما بينهم وعدم تفرقهم ومنع كل ما يؤدي إلى الفرقة والفتنة والانقسام .
ولقد أولت حكومة المملكة منذ انشاءها على نشر العلم وتعليم أبناء الأمة الاهتمام بالعلوم والآداب والثقافة وعنايتها بتشجيع البحث العلمي وصيانة التراث الاسلامي والعربي واسهامها في الحضارة العربية والاسلامية والانسانية كذلك المحافظة على البيئة وتطويرها وحمايتها من التلوث . أما على الصعيد الاقليمي فقد استطاعت المملكة العربية السعودية أن ترسخ اقدامها على المساحات الاقليمية والدولية فالمملكة عضو بارز وفعال في مجلس التعاون الخليجي الذي تأسس عام ١٤٠١هـ الى جانب كونها عضواً مؤسسا في جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر المؤتمر الاسلامي وتساهم في حل المشاكل الاقتصادية والسياسية في العالم العربي والاسلامي حيث تشارك بفعالية في جميع التوجهات والمؤتمرات لاحلال الأمن في منطقة الشرق الأوسط .
أما على الصعيد الدولي فالمملكة العربية السعودية ساهمت في انشاء الأمم المتحدة، وتساهم في ميزانيتها وتسدد حصتها بشكل منتظم وتحتل المرتبة السادسة للمشاركين في رأسمال البنك الدولي للإنشاء والتعمير .. هذا بخلاف عشرات الصناديق والمصارف والبنوك الدولية والاقليمية الساعية إلى النهوض بالاقتصاد العالمي وتنميته وتطويره .
أما تأثير هذه التجربة المثلى المتمثلة في قيام هذه الوحدة الكبرى وفق منهج الاسلام على المنطقة فالمملكة العربية السعودية ولله الحمد تحتل مركزاً فريداً في العالم كقوة اقتصادية وكدولة استراتيجية وسياستها الخارجية تقوم على مبادئ اساسية منها صيانة استقلال المملكة و حمايتها من أي عدوان أجنبي وخدمة الحرمين الشريفين والتعاون مع الدول العربية والاسلامية لخير ورفاهية شعوبها وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى .
وأخيراً السلام والوئام والتعايش السلمي مع الأمم الأخرى كل ذلك قائم على الاسلام كرسالة عالمية وشريعة ومنهاج حياة تعتمد عليها المملكة كفلسفة لكل منطلقاتها وممارستها وتسخر طاقاتها الهائلة وثرواتها الكبيرة ووزنها الدولي المرموق لنصرة القضايا الاسلامية، ووجهت نصيباً مفروضاً من عطائها المتدفق لدعم الأقليات المسلمة وانشأت المؤسسات الدعوية والخيرية والمراكز الاسلامية وأوفدت الدعاة و المدرسين وقدمت المنح الدراسية لأبناء المسلمين وذلك لمؤازرة الاشقاء في الحفاظ على هويتهم الاسلامية الأصيلة ولا تزال تقدم الدعم المالي لمراكز الأبحاث وتاريخ الثقافة الاسلامية في الكثير من دول العالم والمملكة ما تكاد تشعر بمأساة أو كارثة تحل بأشقائها في البلاد العربية والاسلامية إلا وتتجاوب معه سواء بالدعم المادي أو العيني ودعم قضاياها ولا تزال تساهم في امتصاص آثار المشكلات الانسانية والمتمثلة في مشكلات تدفق اللاجئين وضحايا الحرب في العديد من دول العالم الاسلامي ..
إن المملكة ولله الحمد قد واصلت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظها الله السير قدماً في ركب البناء والتأسيس والتطوير وتلمس حاجات المواطن السعودي والعمل على توجيه كافة المسؤولين على مستوى أمراء المناطق والمحافظات والوزراء لانجاز حاجات المواطن في اسرع وقت والتجاوب مع متطلبات الشعب السعودي لجعله في مكان الريادة وتفعيل دور المجتمع المدني ومؤسساته المختلفة ضمن مفاهيم العدالة وتحقيق المساواة والتخطيط لمرحلة مستقبلية مهمة حيث بدأ المواطن يلمس تحولاتها في شتى المجالات فلقد شهد العام الحالي اكتمال التأسيس والتدشين لمشروعات تنموية ضخمة في جميع المناطق وذلك أثناء زيارات الخير لخادم الحرمين الشريفين خلال جولاته التفقدية للمناطق شمالا وغربا وشرقاً وجنوباً والتي تبلغ تكاليفها مليارات الريالات، كما حظي قطاع الخدمات الصحية باهتمام القيادة الرشيدة والذي شهد نهضة كبرى أدخلت الفرح والحبور في نفوس كل فئات المجتمع حتى أضحت الرعاية الصحية معلماً بارزاً ونموذجاً يحتذى به على المستوى الخليجي والاقليمي وموضع اشادة وتقدير على المستوى الدولي .
إن كل هذه الانجازات لم تكن لتتحقق إلا بفضل من الله سبحانه وتعالى ثم بالرؤية الثاقبة والنظرة الموضوعية والتخطيط لاستراتيجي الهادئ المبنى على أسس علمية و منطقية راسخة والذي تميز به مقام خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، وحكمة الاسرة المالكة على مر العصور الماضية الحافلة بالعديد من الانجازات المشرفة التي تعدت حدود الوطن إلى العالمين العربي والاسلامي مما يسطر صفحات مشرقة تدعو للفخر والاعتزاز وحفرت مكانة دولية مرموقة للمملكة، وبهذه المناسبة الغالية فإنني آمل أن تبرز تجربة المملكة العربية السعودية للمجتمع الدولي كإحدى النماذج الناجحة في تاريخ الأمم وابراز ذلك النهج الذي تستند المملكة في سياستها الداخلية القائمة على مبادئ الاسلام الحنيف وكذلك في علاقاتها الدولية المستمدة من تراثنا وحضارتنا واحترام مبادئ حقوق الانسان في أسمى معانيها .
كما أنها الفرصة الثمينة بأن نغرس في نفوس النشء معاني الوفاء لأولئك الابطال الذين صنعوا هذا المجد لهذه الأمة فيشعروا بالفخر والعزة و نغرس في نفوسهم تلك المبادئ والمعاني التي قامت عليها هذه البلاد منذ أن ارسى قواعدها الملك عبدالعزيز يرحمه الله .. ونعمق في روح الشباب معاني الحس الوطني والانتماء إلى هذه المناسبة أن يسهم أفراد الأمة باستشعار أهمية المناسبة وأن تبذل كل القطاعات العامة والخاصة في اظهار تلك المناسبة بما يتلاءم مع سمو الحدث، فلا بد من مسابقات من طلبة المدارس والأجهزة الاعلامية و اقامة العديد من المهرجانات والتمثيليات والأفلام التي تحكي قصة قيام هذا الكيان الكبير . ولا بد من عمل استعراضات بين الطلبة والقوات المسلحة ونأمل ان يبرز دور المرأة وما حققته من تقدم علمي وفكري واجتماعي واسهام حضاري من خلال مشاركتها واسهامها في برامج التنمية وأعمال الجمعيات الخيرية .
وفق الله الجميع في رسم تلك الصورة الحضارية والتي خرجت فيها الجزيرة من أمم جاهلة متناحرة إلى أمة موحدة قوية في ايمانها وعقيدتها غنية برجالها وعطائها واسهامها الحضاري .. فخورة بأمجادها وتاريخها .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *