جدة

جداوي (٢).. الشيخ علي محمود عبد الصمد عمران رحمه الله

د عبدالرزاق سليمان ابوداود

 

شخصيتنا الجداوية التي تشع هنا اليوم هو : الشيخ محمود بن عبدالصمد بن عمران ، تولى مشيخة حارة اليمن والبحر في بدايات العهد السعودي، وشغل المنصب لمدة طويلة حتى وفاته في مطلع عقد الثمانينات من القرن الماضي.
وقد سبقه في هذه المشيخة عمد كبار من آل غيث وكدوان ، والامام ، وعبدالعاطي ، والنمر وغيرهم.
كان الشيخ محمود عبد الصمد عمران شخصية جداوية محترمة، عمل مع الجهات الحكومية والرسمية بإخلاص وتجرد، وخدم وطنه والدولة بحرفية وكفاءة عالية ، وأحبه أهالي حارته (حارة اليمن والبحر) لحرصه الشديد والدائم على مصالحهم، ورعاية شؤون حارتهم، التي تعتبر الأكبر مساحة، والأكثر سكانا بين حارات جدة التاريخية.
تروى عن الشيخ الكثير من الحكايات والقصص والحالات الإنسانية والأمنية الجميلة والمعبرة عن طبيعة وأسلوب هذا العمدة الأصيل في كيفية حل المشاكل والإشكالات الاجتماعية والفردية والفئوية بأساليب هادئة ورصينة، وحفظ حقوق وكرامة الناس وحقوق وسلطة الحكومة في آن معا. وقد كان حريصا في القضايا الصعبة على سمعة وعائلات بعض الاشخاص الذين تورطوا في بعض المخالفات.
كما شاهدته مرارا، وانا في سن مبكرة مع والدي رحمه الله، وعرفته تكرارا وعن قرب، وكان يزور الوالد عادة في مركازه العامر امام بيوتنا في حارة البحر، حيث يلتقي الوالد يوميا من رجالات من جدة.
وشاهدته في مركازه وانا مع والدي الشيخ سليمان احمد ابو داود شيخ البحارة والمعادي واحد أعيان جدة ورجالاتها في تلك الحقبة المجيدة النابضة بالحياة والتفاعلات الاجتماعية والتغيرات المتتالية في أنماط وسلا الحياة واعداد وتركيبة سكان هذه المدينة الجذابة الساحرة رحمها الله.
كان الشيخ محمود عبدالصمد عمران معروفا بحبه لفعل الخيرات، والتواصل مع جميع طبقات المجتمع في حارته، والعمل على حل مشاكلهم، وكان صارما، فطنا في التصدي للمخالفات الأمنية ، ومتعاونا مع السلطات والمجتمع في التعامل مع هذه القضايا، وكان حريصا على حضور مناسبات وفعاليات ابناء حارته والحارات الاخرى، كما اسهم بقوة مع ابناء حارته في الحفاظ على كثير من عادات وفعاليات المجتمع الجداوي القديم، وكان له باع طويل في حل المشكلات الشخصية بين بعض الغرماء او المتشاكسين، وعرف عنه كذلك حضوره الدائم لمناسبات اهالي جدة، والمشاركة في أفراحهم وأتراحهم، وكان مركازه في مواجهة شارع العيدروس في شرق حارة اليمن معلما ومقصدا اجتماعيا يوميا، ذاخرا بالرجال والمقامات والحكايات والمناقشات الاجتماعية. خلف الشيخ محمود عبدالصمد في مشيخة اليمن ابنه الاكبر علي محمود عبدالصمد رحمه الله، ثم ابنه الاخر محمد محمود عبدالصمد ثم حفيده الشيخ عبدالصمد محمد عبدالصمد الذين ساروا على نهج الشيخ محمود رحمه الله مع تغيرات ملحوظة للتأقلم مع متغيرات العصر. وزمان يا يمن..
وزمان يا عبد بام.. وزمان يا عم محمود عبدالصمد..
رحمك الله تعالى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *