الأرشيف مقالات الزملاء

المجنون .. الذي لم يمت

بخيت طالع

** كثيرون هم الشعراء الذين تغنوا بالحب في أشعارهم , وكثيرة هي روايات الحب التي تحفل بها ثقافات الشعوب , طيلة قرون عديدة مضت في طيات التاريخ .. لكن قصة واحدة من كل تلك لم تصل إلى حد تصويرها على أنها بمثابة ” الأسطورة ” .. مثل قصة ” المجنون ” !.
** ” مجنون ليلى ” .. قيس .. الرواية الغرامية استطاعت برغم تقادم الزمن أن تحتفظ بحالة متميزة من ” الإلهام ” .. ربما لما تحمله من مضامين إنسانية , يأتي في مطلعها التوق إلى ” الحرية ” .. ابتداء بحرية معايشة الحب , ومروراً بحرية اختياره , ثم بحرية إعلانه والتعبير عنه .
** إن أحداً لا يختلف في أن ” أسطورة ” قيس هذه بكل دلالاتها الثقافية , قد صارت عنصراً متحركاً داخل فكر الثقافة العربية , من خلال مجمل ما أحاطها وانطلق منها من الخيالات الشعرية والروائية , والتاريخية أيضاً .
** قيس العامري – الشاب الذي أحب ليلي ابنة عمه – فشل في إتمام شوقه بالزواج منها .. الأمر الذي دفعه إلى السخط والتيه في مجاهل الصحاري بعيداً عن القبلية , إلى حيث الطبيعة , التي كان يجد في عناصرها وحياتها صوراً للحبيبة التي حرم منها .
** إن قيمة الإبداع في تلك الرواية – رواية المجنون – أنها لم تبق داخل دائرة الثقافة العربية , ولكن بريق إبداعها دفعها لأن تقتحم الثقافات الأخرى لكثير من الشعوب .. لتمضي وكأنها ليس مجرد سيرة ذاتية .. وإنما أسطورة ترتفع قيمتها بالشكلين الأفقي والرأسي .. للمكان والزمان !.
** وبرغم تلازم الشعر والحب من خلال هذه الرواية وداخل إطار الثقافة العربية , إلاّ أن تفرد تلك الحالة بالتغني بـ ” الحرية ” جعلها حالة إبداعية متميزة , ومؤثرة .. فوق أن أبطال تلك الرواية هم الذين يتحدثون عن ذواتهم .. ويحركون خيوط الأسطورة .. وليس الآخرون .. كما في الكثير من الروايات المشابهة لها .
** الكاتب الفرنسي ” أندرية مايكل ” يقول عن قيس :
” إنه لم يمت حقاً .. بل أعطى ولا يزال يعطي الحياة لمجانين عديدين من بعده ” !.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *